الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١١
الفن الأول فيما يتعلق بأحوال المبدء وصفاته وفيه مواقف الموقف الأول في الإشارة إلى واجب الوجود وان أي وجود يليق به وانه في غاية الوحدة والتمامية وفيه فصول (1)
(1) لعلك تقول هو تعالى احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار فكما لا يناله الإشارة الحسية والخيالية والوهمية كذلك لا يناله الإشارة العقلية فاعلم أن هذا النوع من التنزيه فرع باب التعطيل وربما نرى من هو باعتقاد نفسه من المنزهة وهو في الحقيقة من المعطلة إذا سمع من القوم علم الذات وعلم الصفات وعلم الافعال قال علم الذات لا معنى له فان ذاته تعالى لا تكتنه كما صرح به الحكيم نفسه ولم يدر ان لهذا الكلام معنى ومقاما غير هذا وان هذا الظن يناسب الخطباء في المقام الخطابي مع أن الخطيب الرازي المثير لعثير التشكيك لم يشكك في هذا بل قرره وصدقه فقال في بعض كتبه ان العلم بالله و صفاته وأفعاله أشرف العلوم وعلى كل مقام منه عقده الشك فعلم الذات عليه عقده ان الوجود عين ماهيته أو زائد عليها إلى آخر ما قال.
فلم يفقه هذا المعطل ان اثبات ذات واجب الوجود أو ان ذاته من شيئيتي الوجود و الماهية شيئية الوجود لا شيئية الماهية أو غير ذلك من علم الذات ومن معارف الذات لا من علم الصفات والافعال بالبديهة ومع ذلك ليس اكتناها للذات ومن الذي شرط في العلم و المعرفة الاكتناه.
فليعرف هذا المعطل في حديث الإشارة ان على زعمه المذكور نقضا وحلا.
اما النقض فنقول تذكره أيضا إشارة وان يزعم انا نتذكره بالصفات فصفاته عين ذاته وان كانت غير ذاته فمن البين ان الصفة لا بد لها من الذات إشارة.
واما الحل فكما أشرنا إليه سابقا بان معرفته بنور مستعار منه وبعين بصيرة ففي الحقيقة لا يعرف ذاته الا ذاته.
توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لاحد أي من حيث إنه ينعته بقوة نفسه وببصيرة ذاته الإمكانية وبوجه آخر الإشارة العقلية إلى أسمائه ولكن بحيث يسرى الاحكام من العنوانات إلى المعنون فلا وجود للعنوان بما هو عنوان الا ظهور المعنون والاسم غير المسمى بوجه وعينه بوجه فباعتبار ان وجهه آله لحاظه وانه هو فتذكره تذكره لا تذكر غيره ومعرفته معرفته لا معرفه سواه بل الوجود اللفظي والكتبي لأسمائه تعالى ظهوراته وظهور الشئ ليس مباينا له.
نعم إذا اخذت العنوانات ملحوظات بالذات لا آلات اللحاظ للمعنون فليست هي هو وحينئذ مخلوقه مثلكم مردودة إليكم في أدق معانيها وأوفق تصاويرها س قده