بذاته إلى الأجسام المستضيئة منه المظلمة بحسب ذواتها فإنه بذاته مضى ء وبسببه يضئ كل شئ وأنت إذا شاهدت اشراق الشمس على موضع وأنارته بنورها ثم حصول نور آخر من ذلك النور حكمت بان النور الثاني من الشمس وأسندته إليها وكذا الثالث والرابع وهكذا إلى أضعف الأنوار فعلى هذا المنوال وجودات الأشياء المتفاوتة في القرب والبعد من الواحد الحق فالكل من عند الله.
طريق آخر أشير إليه في الكتاب الإلهي سلكه معلم المشائين أرسطاطاليس وهو الاستدلال بوحده العالم على وحده الاله تقريره انه قد برهن على امتناع وجود عالم آخر غير هذا العالم بجميع اجزائه سواء كانت فيه سماوات وأرضون وأسطقسات موافقة لما في هذا العالم بالنوع أولا بان يقال لو فرض عالم آخر لكان شكله الطبيعي هو الكره والكرتان إذا لم يكن إحديهما محيطه بالأخرى لزم الخلاء بينهما والخلاء ممتنع كما مر فالقول بوجود عالم آخر مبائن لهذا العالم محال أيضا فهذا هو البيان المجمل لامتناع وجود عالمين.
واما البيان المختص بواحد واحد من الاحتمالين المذكورين على التفصيل فلنشر إليه اما على الاحتمال الأول وهو ان يكونا متماثلين في الاجزاء ويكون كل منهما كالآخر في السماء والأرض وغيرهما فما نقل عن أرسطاطاليس من أنه إذا كانت أسطقسات العوالم الكثيرة وسماواته غير متخالفة في الطبيعة والأشياء المتفقه في الطبيعة متفقه في الأحياز والحركات والجهات التي يتحرك إليها فالأسطقسات في العوالم الكثيرة متفقه (1) في المواضع مختلفه فوق واحده فهي ساكنه بالقسر والذي بالقسر بعد الذي بالطبع بالذات فعلم أنها كانت مجتمعه متاحدة ثم افترقت بعد ذلك فهي اذن متبائنة (2) ابدا وليست بمتبائنة ابدا وهذا خلف.