قرائحهم وأذهانهم أو من عدم خوضهم في الأصول الحكمية كما ينبغي.
فمنهم أبو البركات البغدادي حيث ذكر في كتابه المسمى بالمعتبر قوله لو كان علمه مستفادا من الأشياء لكان للغير مدخل في تتميم ذاته منقوض بكونه تعالى فاعلا للأشياء فان فاعليته لا تتم الا بصدور الفعل عنه فيجب ان يكون لفعله مدخل في تتميم ذاته وذلك باطل فيلزم نفى كونه فاعلا للأشياء فكما ان هذا الكلام باطل فكذا ما قاله أقول وجه اندفاعه كما أشير إليه ان الفاعلية كالعلم والقدرة ونحوهما قد تطلق ويراد بها نفس الإضافة المتأخرة عن وجود الطرفين بلا شك وقد تطلق ويراد مبادئ تلك الإضافات (1) فهي متقدمة عليها وليست تلك المعاني من الصفات الكمالية له تعالى الا باعتبار مباديها المتقدمة على الإضافة فكما ان فاعليته الحقيقية لا يتوقف على وجود الفعل لان وجود الفعل يتوقف عليها والا لزم الدور فوزان ذلك في علمه ان يجعل المعلوم تبعا للعلم لا العلم تبعا للمعلوم.
ومن القادحين في هذا المذهب أشد قدح شيخ اتباع المشرقيين المحيى رسوم حكماء الفرس في قواعد النور والظلمة حيث قال في المشرع السابع من إلهيات كتابه المسمى بالمطارحات قولهم ان ذاته محل لاعراض كثيره ولكن لا ينفعل عنها انما ذكروه ليظن الجاهل ان فيه معنى فإنه يوهم ان الانفعال لا يقال الا عند تجدد كما يفهم من مقولة ان ينفعل وهذا لا يغنيهم فإنه وان لم يلزم الانفعال التجددي من وجود عرض ولكن يلزم بالضرورة تعدد جهتي الاقتضاء والقبول كما سبق ان الفعل بجهة والقبول بأخرى ثم كيف يصدق عاقل بان ذاتا تكون محلا لاعراض ولا يتصف بها وقد تقررت فيها وهل كان اتصاف المهيات بصفات فيها الا لأنها كانت محلا لها انتهى كلامه.