ينساق إليه النظر الأول لا يصفو عن الكدورات المشوشة للأذهان السليمة لا سيما على ما تقرر عند المتأخرين من أن ثبوت شئ لشئ وعروضه له فرع ثبوت المثبت له في نفسه إذ الكلام في الوجود المطلق وليس للمهية قبل الوجود المطلق وجود حتى يكون الاتصاف به فرعا على ذلك الوجود وما قاله بعضهم من أن الاتصاف بالوجود انما هو في الذهن لا يجديهم نفعا لأنه إذا نقل الكلام إلى الاتصاف بالوجود الذهني لم يبق لهم مهرب واستثناء الوجود من المقدمة القائلة بالفرعية تحكم على أن مشاهيرهم قدحوا في هذا الاستثناء.
ثم قال إن من البين انه إذا كان الوجود وصفا للمهية وكان اثر الفاعل هو اتصاف المهية بالوجود على ما تقرر واشتهر بينهم لزم ان يكون الصادر عن الفاعل هو ذلك الامر النسبي وظاهر ان النسبة فرع للمنتسبين فلا يصح كونها أول الصوادر إلى غير ذلك من الظلمات التي تعرض من القول بعروض الوجود للمهيات وعلى ما ذكرناه لا يتوجه شئ من الشبهات هذا نظري في حقيقة ما ذهب إليه الحكماء.
أقول هذا النحرير وان بالغ في بسط الكلام لتقرير المرام بحيث يقبله بل يستحسنه أكثر الأنام ممن اتى بعده لكن عندي ان هذا الكلام بطوله وبسطه لا يشفى العليل ولا يروى الغليل ولا يجدى مع صحه مقدماته نفعا في مسألة التوحيد كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى وذلك لوجوه من البحث يرد عليه الأول انا لا نسلم ان ماخذ الاشتقاق في الحداد هو الحديد كيف وهو امر جامد غير صالح لان يشتق منه شئ (1) (2) وكذا المشمس.