عن كون البسيط الحقيقي يجب ان يكون كل الأشياء لا يعزب عنه شئ في الأرض ولا في السماء ولهذا كان عنده علم الباري بالأشياء عبارة عن اعراض ورسوم متكثرة قائمه بذاته وكان يعتذر عن ذلك بان تلك العلوم وان كانت اعراضا قائمه به لكن ذاته لا ينفعل منها ولا يستكمل بها لأنها لوازم متأخرة وجودها عن وجود الذات بل كماله ومجده في أن يصدر هي عنه لا في أن يوجد هي له وقد علمت بما في ذلك من القصور والخلل والله ولى الجود والفضل.
الموقف الخامس في كونه تعالى حيا الحياة التي تكون عندنا في هذا العالم تتم بادراك وفعل والادراك في حق أكثر الحيوانات لا يكون غير الاحساس وكذا الفعل لا يكون الا التحريك المكاني (1) المنبعث عن الشوق وهذان الاثران منبعثان عن قوتين مختلفتين إحديهما مدركه والأخرى محركه فمن كان ادراكه أشرف من الاحساس كالتعقل ونحوه وكان فعله ارفع من مباشره التحريك كالابداع وشبهه لكان أولى باطلاق اسم الحياة عليه بحسب المعنى ثم إذ كان نفس ما هو مبدء ادراكه بعينه نفس ما هو مبدء فعله من غير تغاير حتى يكون ادراكه بعينه فعله وابداعه لكان أيضا أحق بهذا الاسم لبرائته عن التركيب إذ التركيب مستلزم للامكان والافتقار لاحتياج المركب في قوام وجوده إلى غيره والامكان ضرب من العدم المقابل للوجود والموت المقابل للحياة والدثور المقابل للبقاء فالحي الحقيقي ما لا يكون فيه تركيب قوى وقد صح ان واجب الوجود بسيط الحقيقة إحدى الذات والصفة فرداني القوة و القدرة وان نفس تعقله للأشياء نفس صدورها عنه وان معنى واحدا بسيطا منه عقل