أقول في كل من هذه الوجوه نوع خلل اما الوجه الأول فليس يلزم على التقدير المذكور دور باطل فان الدور المصطلح عليه عند العلماء هو الذي يكون طرفاه واحدا بالعدد لا كحكم توقف النطفة على الحيوان والحيوان على النطفة مما يتقدم طبيعة مرسله على طبيعة مرسله أخرى وهي تتقدم أيضا عليها في صوره التسلسل فالمغالطة نشأت هيهنا من اخذ الكلى مكان الجزئي والوحدة النوعية مكان الوحدة الشخصية.
ومثل هذه المغلطة وقع لمحمد الشهرستاني في كتابه المسمى بمصارع الفلاسفة حيث قال اعلم أنه لو لم يكن للعالم بدء زماني يلزم الدور فان الدور في النطفة والانسان والبيض والدجاج انما ينقطع إذا عنيت الابتداء من أحد طرفي الدور والا لتوقف وجود أحدهما على الاخر ولم يكن لتحصيل أحدهما دون الاخر أولوية وذلك يؤدى إلى أن لا يحصلا أصلا وقد حصلا فلا بد من قطع الدور بأحدهما والبدء في الاشخاص الانسانية بالأكمل أولى قال المحقق الطوسي قده في الجواب أحسنت يا علامه في ما يسأل عنه العوام والصبيان (1) فإنه ليس بدور هيهنا الا في اللفظ لان الشئ إذا توقف وجوده على ما يحتاج في وجوده إلى مثل ذلك الشئ لا يكون دورا يؤدى إلى أن لا يحصلا بل ربما يتسلسلان والتسلسل إن كان مستحيلا وجب ان يكون له مبدء فهيهنا اشتبه الدور بالتسلسل على المصارع انتهى.
واما الوجه الثاني منها فهو أيضا مغالطة نشأت من اهمال أحد شروط التناقض وهو وحده الموضوع بالشخص فان تقدم الشئ على نفسه انما يستلزم التناقض إذا كان الشئ واحدا بالشخص واما الواحد بالعموم فلا تناقض فيه إذا تقدم وتأخر و