يصير الفاعل فاعلا بالفاعلية التامة يستحيل ان يحصل ولا يترتب عليه الفعل فاذن الفاعل عندما يستجمع الجهات التي باعتبارها يكون مؤثرا في الفعل لا يصدق عليه انه من شانه ان لا يفعل بل يكذب عليه ذلك واما سبيل التمييز بين المختار والموجب فليس كما توهموه بل كما مر من مدخلية العلم والمشية في الفاعلية والتأثير وعدم مدخليتهما فهذا نصاب التحصيل والتدقيق وستعلم ان ما سوى الله من المختارين مضطر في اختياره مجبور في ارادته.
الفصل (3) في دفع ما ذكره بعض الناس ان من القائلين بصحة تفسير قدرته بصحة الفعل والترك من تفصى من لزوم جهة امكانية هي صحه الطرفين وامكان الجانبين بان هذه الصحة ترجع إلى ذات المعلول المقدور عليه لامكانه الذاتي وهذا من سخيف القول (1) فان ما ذكره لو كان حقا لكان كل فاعل موجب قادرا فلم يبق فرق بين الموجب والمختار إذ ما من معلول الا وهو ممكن الوجود والعدم نظرا إلى مرتبه مهيته من حيث هي هي وان لم يرد بهذا الامكان الامكان الذاتي الذي هو مناط الحدوث الذاتي بل الامكان الواقعي أو القوة الاستعدادية المستدعية للحدوث الزماني فقد علمت بطلانه في الفاعل التام الفاعلية.
واما جمهور المتكلمين من أصحاب أبي الحسن الأشعري فمبنى ما ذهبوا إليه واعتمدوا عليه فيما ادعوه من تفسير قدره الله هو انكارهم للعلة والمعلول وعدم تسليمهم بتحقق الوجوب بالايجاب في شئ من مراتب الفاعلية والايجاد بل مجرد الأولوية غير البالغة حد الوجوب يكفي لصدور الفعل من المختار وان نفس الإرادة من غير داع ومقتض يكفي لصدور الفعل ولا حاجه في ذلك إلى مرجع غير