وأفضل ضروب الصنع والإفاضة وليس يلزم من ذلك جبر عليه كفعل النار في احراقها وفعل الماء في تبريده وفعل الشمس في إضائتها حيث لا يكون لمصدر هذه الأفاعيل شعور ولا مشيه ولا استقلال من فواعلها لأنها مسخرات بأمره سبحانه وكذلك حال سائر المختارين غير الله في أفعالهم فان كلا منهم في ارادته مقهور مجبور من اجل الدواعي والمرجحات مضطر في الإرادات المنبعثة عن الاغراض مستكمل بها.
ثم إنه زعم الفخر الرازي انه لا خلاف بين الفلاسفة والمتكلمين في معنى القدرة المنسوبة إليه بل النزاع بينهما لفظي إذ الخلاف بين التفسيرين المذكورين انما يرجع إلى العبارة واللفظ دون المعنى والمفهوم كما ذكر انما النزاع بينهما في قدم العالم وحدوثه لان المتكلمين جوزوا ان يكون العالم على تقدير كونه أزليا معلولا لعله أزلية (1) لكنهم نفوا القول بالعلة والمعلول الأزليين لا بهذا الدليل (2) بل بما دل على وجوب كون المؤثر في وجود العالم قادرا (3) واما الفلاسفة فقد اتفقوا على أن الأزلي يستحيل ان يكون فعلا لفاعل مختار فاذن حصل الاتفاق على أن كون الشئ أزليا ينافي افتقاره إلى الفاعل المختار ولا ينافي افتقاره إلى العلة الموجبة وإذا كان الامر كذلك ظهر ان لا خلاف في هذه المسألة انتهى قول الرازي في شرحه للإشارات.
ونعم ما قال الشارح المحقق الطوسي العلامة ان هذا صلح من غير تراضى الخصمين وذلك لان المتكلمين بأسرهم صدروا كتبهم بالاستدلال على