الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٧
الموقف الرابع في قدرته تعالى وفيه فصول الفصل 1 في تفسير معنى القدرة ان للقدرة تعريفين (1) مشهورين أحدهما صحه الفعل ومقابله أعني الترك وثانيهما كون الفاعل في ذاته بحيث ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل والتفسير الأول للمتكلمين والثاني للفلاسفة ومن أفاضل المتأخرين من ذهب إلى أن المعنيين متلازمان بحسب المفهوم والتحقق وان من أثبت المعنى الثاني يلزمه اثبات المعنى

(١) لا ريب ان الصفات التي نثبتها فيه تعالى كالعلم والقدرة والحياة وغيرها انما هي الصفات الكمالية التي نجدها فيما عندنا من الفضائل الوجودية ثم نجردها عن شوب الاعدام والنقائص فتعود صفه كمالية بحتة تقبل الصدق والانطباق عليه تعالى بما انه كمال بحت لا يشذ عنه كمال فالشأن كل الشأن في تجريد معنى القدرة على أي من التعريفين عرفت فمن المسلم ان القدرة بحدودها المادية التي توجد عندنا لا توجد عنده تعالى ولا هي بذاك المعنى تصدق عليه فنقول اما تفسيرها بصحة الفعل والترك والصحة على ما نفهم من معناها هو الجواز أي كون النسبة بين الفاعل وبين كل من الفعل والترك نسبه الامكان فلا يكون الفعل ممتنعا حتى يتقيد المبدء الفاعلي بالترك ولا الترك ممتنعا حتى يتقيد بالفعل فيعود الامر إلى كون الفاعل مطلقا غير مقيد بشئ من الفعل والترك هذا وليس في حد القدرة أن تكون غير الفاعل القادر ولا عينه وان كانت القدرة التي فينا خارجه عن ذاتنا.
ثم إن الواجب تعالى وجود لا يشوبه عدم ومطلق غير متقيد بقيد ولا محدود بحد على ما تدل عليه البراهين وفاعل للكل بنفس ذاته لا بأمر يلحقه من خارج وقد أقيم عليه البرهان فإذ كان ذاته هو مبدء الفعل وهو مطلق غير مقيد فلا يكون مقيدا بالفعل لامتناع الترك ولا بالترك لامتناع الفعل بل مبدء فعله الذي هو ذاته مطلق غير مقيد بالفعل أو الترك أي بوجوب الفعل أو الترك وهذه هي القدرة الواجبية وهي عين الذات وإذ كانت الذات المتعالية في مبدئيتها للفعل مطلقه عن أي قيد مفروض فلا يقهره شئ هو فوقه أو في عرضه بايجاب الفعل عليه ولا واجب غيره ولا يقهره شئ من أفعاله بايجاب نفسه أو غيره عليه لأنه متأخر عن الذات المتعالية قائم به مفتقر إليه في جميع شؤون وجوده ولا انه تعالى يثبت في ذاته وجوب الفعل عند إفاضة الوجوب الغيري على فعله وقهره على أن يوجد فإنه من أشنع المحال و بهذا يظهر انه تعالى مختار في فعله هذا ملخص القول في التعريف الأول.
واما تفسيرها بكون الفاعل بحيث ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل فيرجع إلى تقييد فاعليه الفاعل بالإرادة وهي فينا صفه نفسانية تتبع العلم بمصلحة الفعل الملزمة وان شئت فقل الداعي الزائد فلوجود الداعي وتحقق العلم به دخل في فاعليه الفاعل بالفعل أي ان المبدء الفاعلي فينا متقيد بالعلم بما يكون داعيا إلى الفعل.
ثم لو أثبت صفه الإرادة في الذات المتعالية ولتكن بمعنى العلم بالأصلح والمفروض ان فاعليته تعالى بنفس ذاته كما تقدم وان علمه عين ذاته صارت الإرادة والعلم اللذان هما قيدان لفاعليتنا عين الذات المطلقة هناك وصدق عليه تعريف القادر لكونه فاعلا عن اراده وعلم بالأصلح أي بالشئ بما يترتب عليه من المصلحة التي هي غاية وجوده ويتحصل به ان قدرته كون ذاته مبدء لكل خير ومصلحة غير أن المصلحة المترتبة خارجا على الفعل لا تكون غاية لذاته المتعالية وداعيا ذا دخل في فاعليته بل هي المصلحة التي في علمه الذي هو عين ذاته ولا معنى لجعل هذا العلم تابعا للمعلوم الخارجي وهو ظاهر على أن مصلحة الفعل وجهه خيريته مترتبة على الفعل المترتب على مبدئيته الفاعلية فلا تكون مؤثرة فيها قاهره عليها ولا قاهر أيضا غيرها فهو تعالى مختار على الاطلاق.
هذا ملخص القول في التفسيرين وقد استبان ان القدرة على كلا التعريفين اطلاق الفاعل وعدم تقيده بايجاب يلحق به من ناحية الفعل أو الترك واما تفسيرها بكون الفعل في حد الاستواء وعدم لحوق ايجاب من ناحية الفاعل فهو في معنى نفى الفاعلية واسناد وجود الفعل إلى الاتفاق - ط مد ظله.
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 2
2 الموقف الأول في الإشارة إلى واجب الوجود 11
3 الفصل (1) في اثبات وجده والوصول إلى معرفة ذاته 12
4 برهان الصديقين وهو أسد البراهين 13
5 في ان حقيقة الوجود هي عين الواجب 23
6 الفصل (2) في الإشارة إلى مناهج أخرى للوصول إلى هذه الوجهة 26
7 طريقة صاحب المطارحات في اثبات الواجب ونقضها 30
8 الفصل (3) في الإشارة إلى وجوه من الدلائل ذكرها بعض المحققين 37
9 نقض كل من الوجوه المذكورة 39
10 الفصل (4) في الإشارة إلى طرائق أخرى لأقوام 41
11 مناهج الطبيعين في اثبات الواجب 42
12 طريقة المتكلمين المبتنية على الحدوث 47
13 الفصل (5) في ان واجب الوجود إنيته مهيته 48
14 ابطال كون الواجب ذا ماهية بتقرير آخر 51
15 مسلك آخر في نفي المهية عن الواجب 56
16 الفصل (6) في توحيده ونفى الشريك عنه في وجوب الوجود 57
17 الفصل (7) تعقيب الكلام بذكر ما افاده بعض المحققين وما يرد عليه 63
18 وجوه من الاشكال تورد على كلام المحقق الدواني 68
19 نقض كلام المحقق الدواني بوجه آخر 78
20 تقرير السيد الصدر (ره) لتوحيد الواجب تعالى 80
21 اعتراضات المحقق الدواني على السيد الصدر ودفعها 82
22 الفصل (8) في ان واجب الوجود لا شريك له في الإلهية 92
23 طريق آخر لأرسطو في نفي الشريك عنه تعالى 94
24 الفصل (9) في انه تعالى بسيط الحقيقة من كل جهة ليس مؤتلفة الذات من اجزاء وجودية عينية أو ذهنية 100
25 طريق آخر لاثبات بساطته تعالى 102
26 طريقة أخرى لبيان بساطة الواجب 103
27 الفصل (10) في ان الواجب الوجود لا فصل لحقيقته المقدسة 105
28 الفصل (11) في ان الواجب الوجود لا مشارك له في أي مفهوم كان 107
29 الفصل (12) في ان واجب الوجود تمام الأشياء واليه يرجع الأمور كلها 110
30 تفصيل القول في انه تعالى تمام الأشياء 112
31 الموقف الثاني في البحث عن صفاته تعالى على وجه العموم الفصل (1) في الإشارة إلى اقسام الصفات 118
32 كلام السهروردي في نفى الإضافات والحيثيات المختلفة عنه تعالى 121
33 الفصل (2) في قسمة أخرى رباعية للصفات الثبوتية 123
34 الفصل (3) فيما قيل من ان صفاته يجب ان تكون نفس ذاته 125
35 ما أورده المصنف على برهانهم في عينية الصفات 128
36 الفصل (4) في تحقيق القول بعينية الصفات الكمالية للذات الأحدية 133
37 شرح كلام على (ع) في نفى زيادة الصفات على ذاته تعالى 136
38 الفصل (5) ايضاح القول بان صفاته الحقيقية كلها ذات واحدة لكنها مفهومات كثيرة 145
39 الموقف الثالث في علمه تعالى الفصل (1) في ذكر أصول ومقدمات ينتفع بها في هذا المطلب 149
40 اتحاد المدرك والمدرك 165
41 شكوك في اتحاد المدرك والمدرك و إزاحتها 169
42 الفصل (2) اثبات علمه تعالى بذاته 174
43 الفصل (3) في علمه تعالى بما سواه 176
44 الفصل (4) تفصيل مذاهب الناس في علمه بالأشياء 180
45 الفصل (5) في الإشارة إلى بطلان مذهب الاعتزال ومذهب ينسب إلى أهل التصوف 182
46 الفصل (6) في حال ما ذهب إليه القائلون بالمثل العقلية وما ينسب إلى فرفوريوس من اتحاد العاقل والمعقول 188
47 الفصل (7) في حال القول بارتسام صور الأشياء في ذاته تعالى 189
48 كلام الشيخ في انه تعالى لا يعقل الأشياء من الأشياء 193
49 تزييف ما أورده أبو البركات والسهروردي على كلام الشيخ 199
50 نقد ما أورده المحقق الطوسي على وجود الصور في ذاته تعالى 209
51 بيان ان الإضافة بين الواجب وبين الأشياء إضافة اشراقية 214
52 قدح العلامة الخفري في اثبات الصور الإلهية ودفعه 221
53 الفصل (8) ما يقدح به في مذهب القائلين بارتسام الصور في ذاته تعالى 227
54 في ان علمه تعالى بذاته يقتضي علمه بمعلولاته 230
55 كلام الفارابي في الجمع بين رأيي أفلاطون وأرسطو في علمه تعالى 235
56 الفصل (9) حال مذهب القائلين بالعلم الاجمالي له تعالى بما سواه 238
57 انقسام علم الانسان بأقسام ثلاثة 242
58 الفصل (10) حال القول بان علمه بالصادر الأول تفصيلي وبغيره اجمالي 245
59 الفصل (11) حال مذهب من يرى ان علمه بالأشياء بالإضافة الاشراقية 249
60 تمثيل علمه تعالى بالأشياء بعلم النفس وقواها 252
61 اعتراضات ترد على كلام المحقق الطوسي في علمه تعالى 256
62 الفصل (12) ذكر صريح الحق في علمه تعالى السابق على كل شئ حتى على الصور العلمية القائمة بذاته 263
63 تمهيد أصول لكونه تعالى بسيط الحقيقة كل الأشياء وهو منهج الحكماء 264
64 بيان كونه تعالى بسيط الحقيقة كل الأشياء 270
65 بيان منهج الصوفية الكاملين في علمه تعالى 280
66 نقل كلام محيي الدين العربي في كيفية علمه تعالى 286
67 الفصل (13) في مراتب علمه بالأشياء 290
68 معنى القضاء والقدر 291
69 معنى اللوح والقلم وانهما من مراتب علمه تعالى 293
70 معنى اللوح المحفوظ 295
71 معنى قوله (ع) (ان له تعالى سبعين الف حجاب من نور....) 299
72 معنى العرش والكرسي 304
73 تطابق العوالم بعضها مع بعض 305
74 الموقف الرابع في قدرته تعالى الفصل (1) في تفسير معنى القدرة 307
75 في معنى القدرة عند الفلاسفة والمتكلمين 310
76 الفصل (2) في ان القدرة فينا عين القوة وفيه تعالى عين الفعلية 312
77 الفرق بين قدرة القادر المختار و قدرة الموجب 315
78 نقض كون القدرة فيه تعالى ايجابا 319
79 الفصل (3) في دفع ما ذكره بعض الناس 320
80 الفصل (4) مأخذ آخر في ابطال ان شأن الإرادة الواحدة ان يتعلق باي طرف من طرفي الممكن وباي ممكن من الممكنات 323
81 الفصل (5) مذهب المتكلمين في المرجح لإرادة خلق العالم 325
82 معنى وجود اللم في أفعاله تعالى 326
83 الفصل (6) في دفع بعض الأوهام عن هذا المقام 328
84 كلام المحقق الطوسي في اتحاد الإرادة والعلم 331
85 الفصل (7) في تفسير الإرادة والكراهة 334
86 معنى الإرادة والكراهة عند المعتزلة وما يرد عليه 337
87 معنى الإرادة والكراهة عند المصنف 340
88 الفصل (8) دفع ما أورد على اتحاد هذه الأمور في حقه تعالى 343
89 شكوك موردة في مغايرة الإرادة للعلم والقدرة و إزاحتها 345
90 كلام الشيخ في نفى الإرادة الزائدة عنه تعالى 358
91 كلام المحقق الطوسي في اثبات الغرض في فعله تعالى 363
92 الفصل (9) اعتضاد ما ذكرنا من الفرق بين ارادته و إرادتنا من طريق النقل 364
93 تحرير محل النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة والحكماء 365
94 الفصل (10) في حكمته تعالى وعنايته وهدايته وجوده 368
95 الفصل (11) في شمول ارادته لجميع الافعال 369
96 كلام الامامية والحكماء في ارادته تعالى 371
97 كيفية ارادته تعالى المعاصي عن العباد 372
98 ما يندفع به الشبه الواردة على خلق الأعمال 375
99 تمثيل أفعاله تعالى بأفعال النفس وقواها 377
100 الفصل (12) حل بقية الشبه الواردة على الإرادة القديمة 379
101 معنى وجوب الرضا بالقضاء مع ان المعاصي أيضا من القضاء 380
102 وجه انتساب الشرور إليه تعالى 383
103 كلام المحقق الطوسي في اثبات الاختيار للعبد 384
104 اشكال آخر على الإرادة القديمة و الجواب عنه 388
105 انهاء الشيخ جميع الإرادات إلى ارادته تعالى 391
106 الفصل (13) في تصحيح القول بنسبة التردد والابتلاء إليه تعالى 395
107 الفصل (14) في استيناف القول في استجابة الدعوات ودفع ما أورد عليها 402
108 الموقف الخامس في كونه تعالى حيا 413
109 نفى الحياة الجسمانية عنه تعالى 417
110 الموقف السادس في كونه تعالى سميعا بصيرا 421
111 حقيقة الابصار عند المصنف (ره) 424