في عالم الطبيعة كانت عين الميل فإذا تبين وتحقق عندك ما ذكرناه انكشف لديك ما في كلام هؤلاء المحجوبين عن درك الحقائق من الصحة والصواب بوجه والفساد والخطاء بوجه أو وجوه فمن فسر الإرادة باعتقاد النفع صح كلامه من حيث لا يشعر وبوجه دون وجه ومن فسرها كالأشاعرة بأنها صفه مخصصه لاحد المقدورين وهي غير العلم والقدرة صح ما ذكره من جهة دون أخرى وفي موضوع دون آخر ومن قال إنها شوق متأكد إلى حصول المراد صح ان لم يرد الكلية والعموم ومن ذهب إلى أنها ميل يتبع اعتقاد النفع صح أيضا في مرتبه دون أخرى وانفكاك بعض هذه المعاني عن بعض في حق الانسان لا ينافي اتحادها في حق الله وكون القدرة في حقنا عين القوة الإمكانية والاستعداد البعيد لا ينافي كونها في حق الله عين الفعلية والايجاب فالقدرة هيهنا امكان وفي الباري وجوب بالذات لأنها عين العلم بالنظام الأتم والحكمة المقتضية والقضاء الحتمي فافهم واغتنم واستقم يا حبيبي واتبع الحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله والله ولى التوفيق.
(الفصل 8) في دفع ما أورد على اتحاد هذه الأمور في حقه تعالى وفي كون الإرادة القديمة سببا لايجاد الحادث فمن الشكوك الموردة ان اراده الله تعالى لا يصح أن تكون عين علمه لأنه يعلم كل شئ ولا يريد كل شئ إذ لا يريد شرا ولا ظلما ولا كفرا ولا شيئا من القبائح و الآثام فعلمه متعلق بكل شئ ولا كذلك ارادته فعلمه غير ارادته وعلمه عين ذاته فإرادته صفه زائدة على ذاته تعالى فهذه شبهه قد استوثقها واحتج بها بعض مشائخنا الامامية رضي الله عنهم على اثبات ان الإرادة زائدة على ذاته تعالى.
والجواب (1) ان فيضه وجوده يتعلق بكل ما يعلمه خيرا في نظام الوجود