الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٧
واجبا بها ليكون موجودا فلا بد في كون الممكن موجودا ان يكون علتها غير خارجه عن حقيقة واجب الوجود لذاته وهو المطلوب واليه الإشارة في كلام الفارابي حيث قال لو حصلت سلسله الوجود بلا وجوب ويكون مبدئها ممكنا حاصلا بنفسه لزم اما ايجاد الشئ لنفسه وذلك فاحش واما صحه عدمه بنفسه وهو أفحش انتهى.
ومعناه ان هذا الممكن ان أفاد وجوب الوجود وامتناع العدم لزم كون الشئ علة لنفسه مقتضيا له وهو باطل لاستلزامه تقدم الشئ على نفسه وان لم يفد الوجوب ولم يمنع العدم فيلزم صحه عدمه بنفسه وهو أفحش بطلانا وذلك لان المحذور الأول لازم هنا أيضا من كون الشئ سببا لنفسه بأي وجه كان مع محذور آخر وهو انه إذا صح له ورود العدم بعد الوجود فكيف صار موجودا ابتداء حيث إن عروض العدم له ابتداءا أولى من عروضه بعد الوجود فكان وجوده بلا سبب موجب له ممتنع الحصول الفصل (3) في الإشارة إلى وجوه من الدلائل ذكرها بعض المحققين (1) من أهل فارس وظن أنها برهانية والى ما فيها من الاختلال قال ومن البراهين التي ظهرت لي في هذا المطلب وناسب أهل البحث ان يقال على تقدير كون الموجودات منحصرة في الممكنات لزم الدور إذ تحقق موجود

(1) قال سيدنا الأستاذ دام بقاه الظاهر أن هذا البعض من العرفاء ويشعر بذلك قوله وناسب أهل البحث الظاهر في عدم كونه بنفسه منهم والعرفاء جلهم قائلون بأصالة الوجود فلو بنى ما استدل به من الوجوه على أصالة الوجود لما يرد عليها شئ مما أورده قده فان ما أورده يبتنى على حمل الوجود في كلام هذا البعض على مفهومه وقد حققت ان مراده على ما استظهرناه من كلامه هو حقيقة الوجود وشخصه لا مفهومه الانتزاعي الذهني.
ثم إن الوجوه الأربعة بالحقيقة ترجع إلى وجهين الأول الاستدلال من طريق الدور والثاني الاستدلال من طريق الصديقين من غير تمسك بشئ من الدور والتسلسل ورجوع الوجوه الثلاثة إلى هذا الوجه لما عرفت من ابتناء كلامه على أصالة الوجود وجعل شخص الوجود مصب الاستدلال - اد.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست