الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٥
فقوله تعالى ولا يرضى لعباده الكفر وما يجرى مجراه من الآيات معناه ان الكفر وغيره من القبائح غير مرضى بها له في أنفسها (1) وبما هي شرور ولا ينافي ذلك كونها مرضيا بها بالتبعية والاستجرار أو نقول من سبيل آخر ان وزان الإرادة بالقياس إلى العلم وزان السمع والبصر بالقياس إليه وكوزان الكلام بالنسبة إلى القدرة فالعلم المتعلق بالخيرات اراده كما أن المتعلق منه بالمسموعات سمع وبالمبصرات بصر وكما أن القدرة المتعلقة بالأصوات والحروف على وجه تكلم وهذا لا ينافي كون الإرادة عين العلم فذاته تعالى علم بكل شئ ممكن وإرادة لكل خير ممكن كما أنه سمع لكل مسموع وبصر بالنسبة إلى كل مبصر وقدره على كل شئ وبالقياس إلى نوع من الأصوات والحروف تكلم أو كتابه فهذا طريق آخر في حل هذه الشبهة والأول أولى (2).
ومنها ان الله تعالى أوجد ما أوجد من الحوادث في وقت معين لا قبله ولا بعده فلا بد لهذا التخصيص من مخصص وليس هو القدرة لتساوي نسبتها إلى جميع الأوقات ولا العلم لما ذكرنا فهذا المخصص هو الإرادة لا القدرة والعلم فثبت ان الإرادة

(١) الأولى ان يجاب عنه بان المراد بالرضا ونحوه في الآيات الرضا التشريعي و الكلام في الرضا التكويني والإرادة التكوينية وما ذكره قده حق لكنه بعيد عن ظاهر الآيات ط مد ظله (٢) والفرق بين الوجهين ان الأول منع لقول الخصم لأنه يعلم كل شئ ولا يريد كل شئ ببيان انه يريد كل شئ كما يعلم كل شئ والوجه الثاني منع لقوله بعد بيان المغايرة بين العلم والإرادة ان علمه عين ذاته فإرادته صفه زائدة على ذاته وتقريبه ان المغايرة لا توجب زيادة إحديهما على تقدير عينيه الأخرى لم لا يجوز ان يكون مغايرتهما من قبيل مغايرة السمع والبصر للعلم بان يكون التفاوت بينهما بالسعة والضيق باختلاف الاعتبار فالعلم متعلق بكل شئ والإرادة هي العلم بالشئ الذي هو خير كما أن العلم مطلق والبصر هو العلم المقيد بالمبصرات ولعل الوجه في كون الوجه الأول أولى ان في الوجه الثاني ايهام تسليم عدم تعلق الإرادة ببعض الأشياء الموجودة مع أن الواقع خلافه فان الموجود من الأشياء خير في وجوده والإرادة متعلقه به - ط مد ظله.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست