الفصل (5) في حكاية مذهب المتكلمين في المرجح والداعي لإرادة خلق العالم قال محقق مقاصد الإشارات ان المتكلمين من الذاهبين إلى حدوث العالم افترقوا إلى ثلاث فرق فرقه اعترفوا بتخصيص ذلك الوقت بالحدوث وبوجود علة لذلك التخصيص غير الفاعل وهم جمهور قدماء المعتزلة من المتكلمين ومن يجرى مجريهم وهؤلاء انما يقولون بتخصيصه على سبيل الأولوية دون الوجوب ويجعلون علة التخصيص مصلحة تعود إلى العالم وفرقه بتخصيصه لذات الوقت على سبيل الوجوب وجعلوا حدوث العالم في غير ذلك الوقت ممتنعا لأنه لا وقت قبل ذلك الوقت وهو قول أبى القاسم البلخي المعروف بالكعبي ومن تبعه منهم وفرقه لم يعترفوا بالتخصيص خوفا عن التعليل بل ذهبوا إلى أن وجود العالم لا يتعلق بوقت ولا بشئ آخر غير الفاعل وهو لا يسئل عما يفعل أو اعترفوا بالتخصيص وأنكروا وجوب استناده إلى علة غير الفاعل بل ذهبوا إلى أن للفاعل المختار ان يختار أحد مقدوريه على الاخر من غير مخصص وتمثلوا في ذلك بعطشان يحضره الماء في إنائين متساوي النسبة إليه من جميع الوجوه فإنه يختار أحدهما لا محاله وبغير ذلك من الأمثلة المشهورة و هم أصحاب أبي الحسن الأشعري ومن يحذو حذوه وغيرهم من المتكلمين المتأخرين انتهى كلامه.
وأنت بما قدمنا عليك من الأصول القطعية الحقه متمكن من ابطال هذه الآراء الخبيثة المؤدية إلى التعطيل في حقه بل التجسيم والتركيب في ذاته تعالى عما يقول المقصرون الجاهلون في حقه علوا كبيرا.
اما القول بالمخصص والداعي لفعله على سبيل الأولوية دون الوجوب سواء كان أمرا مبائنا لذاته وصفاته كما قالته قدماء المعتزلة (1) أو غير مبائن له كما