الفاعل فهذا معنى العناية.
والهداية هي ما يسوق الشئ إلى كماله الثاني الذي لا يحتاج إليه في أصل وجوده وبقائه وقد اعطى سبحانه كل شئ كمال وجوده وهو ما يحتاج إليه في وجوده وبقائه وزاده أيضا كمالا ثانيا وهو ما لا يحتاج إليه فيهما واليه الإشارة في القرآن بقوله تعالى ربنا الذي اعطى كل شئ خلقه ثم هدى فالخلق هو اعطاء الكمال الأول والهداية هي افاده الكمال الثاني وبقوله أيضا الذي خلقني فهو يهدين.
واما الجود فهو افاده الخير بلا عوض فان الإفادة على وجهين أحدهما معامله والاخر جود فالمعاملة ان تعطى شيئا وتأخذ بدله سواء كان البدل عينا أو ذكرا حسنا أو فرحا أو دعاء أو حصول صفه كمالية أو ازاله رذيلة نفسانية.
وبالجملة ما يكون للمعطى فيه رغبه أو غرض لا يحصل الا بذلك الاعطاء فإنه المعاملة بالحقيقة وإن كان الجمهور يزعمون المعاملة حيث يكون معاوضة عينيه ولا يسمون غيره معامله ولكن العقلاء يعرفون ان الجود بالحقيقة حيث لا يكون فيه عوض ولا غرض وان كل ما فيه غرض أو فائدة فهو معامله فالجود بالحقيقة لمريد وفاعل لا يكون لفعله غرض وما ذلك الا لواجب الوجود فاذن لا جواد الا واجب الوجود على أن كل جود وكرم لا يحصل الا من جهته الفصل (11) في شمول ارادته لجميع الافعال هذه المسألة أيضا من جمله المسائل الغامضة الشريفة قل من اهتدى إلى مغزاها وسلك سبيل جدواها واختلفت فيه الآراء وتشعبت فيه المذاهب والأهواء وتحيرت فيه الافهام واضطربت فيه آراء الأنام فذهبت جماعه كالمعتزلة ومن يحذو حذوهم إلى أن الله تعالى أوجد العباد وأقدرهم على تلك الأفعال وفوض إليهم الاختيار فهم مستقلون بايجاد تلك الأفعال على وفق مشيتهم وطبق قدرتهم وقالوا انه أراد