المختار إلى نفسه الصانعة ونسبه تصنيف الكتاب الحكمي إلى نفس مصنفه العليم الحكيم لو كانت تامه الفاعلية بان يكون مجرد تصوره كافيا لحصول صنعه أو تصنيفه في الخارج فصدور الأشياء عن الباري جل اسمه في الخارج بأنها عقلت أولا فصدرت وتعقله تعالى إياها ليست بأنها وجدت أولا فعقلت لان صدورها عن عقله لا عقله من صدورها فقياس عقل واجب الوجود للأشياء قياس أفكارنا التي نستنبطها أولا ثم نوجدها من جهة ان المعقول منها سبب للموجود في الجملة مع وجوه من الفرق كثيره فانا لكوننا ناقصين في الفاعلية نحتاج في أفاعيلنا الاختيارية إلى انبعاث شوق حاصل بعد تصور الفعل وتخيله والى استخدام قوة محركه واستعمال آله تحريكية طبيعية كالعضلات والرباطات والأيدي والأرجل وخارجية غير طبيعية كالفأس والمنحت والقلم والمداد وانقياد مادة صالحه لقبول تلك الصورة والأول تعالى لكونه تام الايجاد والفاعلية كما أنه تام الوجود والتحصل انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون فقوله وكلامه الذي (1) هو تابع لإراداته الذاتية هو تعقله للأشياء فكينونية الأشياء في الخارج تابعه لمعقولها الذي هو عبارة عن قوله وتلك الصور العقلية هي كلمات الله التامات التي لا تنفد فالكتاب الإلهي المنور نبه على هذا المقصود بأبلغ وجه وأحسنه حيث رتب وجود الأكوان الخارجية على قول الله وكلامه العقلي المطابق لها المترتب على ارادته الأزلية الذاتية وسنحقق معنى الكلام والكتاب فيما بعد بوجه مشرقي إن شاء الله.
وربما يستدل على كون علمه تعالى بالأشياء بالصور الحاصلة في ذاته بأنه يعلم ذاته وذاته سبب للأشياء والعلم بالسبب التام للشئ يوجب العلم بذلك الشئ فذاته يعلم جميع الأشياء في الأزل لكن الأشياء كلها غير موجودة في الأزل