وجودها وان لم تكن عين ماهياتها إذ ليست مهية شئ منها عين معنى القدرة ووجود الجوهر كما علمت جوهر فيكون القدرة فيها جوهرا وقد تكون واجبه كقدرة الله تعالى على كل شئ فإذا تحقق عندك ان مهية واحده كالعلم والقدرة و نظائرهما ذات درجات ومقامات في الوجود وبعضها أقوى وأشرف حتى ينتهى في جانبي النزول والصعود إلى العرضية والواجبية فقس على هذا جميع الحقائق الوجودية فان للانسان مثلا وجودا عرضيا كوجود مهيته في الذهن عند تصور النفس لها وله وجود جوهري طبيعي وهو ظاهر وله أيضا وجود جوهري نفساني مع أعضاء نفسانية كما في عالم الآخرة على ما سنبينه في مباحث المعاد الجسماني إن شاء الله تعالى وله وجود عقلي كما أثبته أفلاطن وقد أوضحنا سبيله وله أيضا وجود إلهي وهو ما في علم الله تعالى وكذا غيره من الحقائق.
ومن هيهنا أيضا ظهر فساد ما اشتهر من المشائين وصرح به بعض اتباعهم كبهمنيار في تحصيله من أن الصور العلمية الحاصلة له اعراض حاله في ذاته فكان الانسان الموجود هناك عرضا وكذا السماء والأرض والكواكب والعناصر والمواليد اعراض ولا شك ان وجود الاعراض أخس مراتب الوجود وانزله والانسان العرضي أخس الأناس وكذا الحيوان العرضي انزل الحيوانات فكيف جوز هؤلاء المشتهرون بالفضل ان يكون ذاته موضوعا ومحلا لهذه الأشياء على أخس أنحائها في الوجود وانزل مراتبها في الكون ولا شك ان مجاور الشئ العالي الشريف يجب ان يكون مناسبا له في العلو والشرف فما أبعد هؤلاء في هذه المسألة عن اصابه الحق ودرك الصدق.
نقل كلام لتأييد مرام قال العارف المحقق محيي الدين العربي في الباب السابع والسبعين وثلاثمأة من الفتوحات المكية اعلم أيدك الله انه من المحال ان يكون في المعلومات امر لا يكون له حكم (1) ذلك الحكم ما هو عين