الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٨٤
التي توجد في عالم المواد والأجرام لا يلزم ان يكون فيها شرية أو نقص أو آفة ما حققه العرفاء العالمون بعلم الأسماء من أن الأسماء الجلالية القهرية له كالمنتقم والجبار والقهار هي أسباب وجود هذه الأشرار والشرور كالكفرة والشياطين والفسقة وطبقات الجحيم وأهلها كما أن الأسماء الجمالية اللطيفة كالرحمن الرحيم الرؤف اللطيف هي مبادئ وجود الأخيار والخيرات كالأنبياء والأولياء ع والمؤمنين وطبقات الجنان وأهلها حتى قالوا إن الشيطان اللعين مخلوق من اسمه المضل لقوله تعالى حكاية عنه فبما أضلني (1) وقوله فبما أغويتني فالمتضادات والمتعاندات و المتخاصمات في عالم التفرقة والشر والتضاد متوافقات متصالحات في عالم الوحدة الجمعية الخيرية ومنها ان فعل العبد ان علم الله وجوده وتعلقت به ارادته و قضاؤه فهو واجب الصدور وان لم يعلم وجوده ولم تتعلق به ارادته وقضاؤه فهو ممتنع الصدور فكيف يكون فعل العبد مقدورا له وأجيب عنه بالنقض والحل اما النقض فلجريان مثله (2) في حق الله في ارادته للأكوان الحادثة سيما عند من أثبت له اراده متجددة واما الحل فقال صاحب المحصل ومن يحذو حذوه من اتباع الشيخ الأشعري ان الجواب عن هذا الاشكال الوارد على الكل ان الله لا يسئل عما يفعل وقد سبق حال ما ذكره وقال العلامة الطوسي ره في نقده لو كان ذلك مبطلا لقدره العبد واختياره في فعله لكان أيضا مبطلا لقدره الرب واختياره تعالى في فعله فإنه كان في الأزل عالما بما سيفعله فيما لا يزال ففعله فيما لا يزال اما واجب أو ممتنع والجواب عنه ان العلم تابع للمعلوم وحينئذ لا يكون مقتضيا للوجوب و الامتناع في المعلوم وهذا الجواب بظاهره غير صحيح (3) لان القول بتابعية

(1) لا يخفى عليك انه لم يرد في الكتاب المجيد فبما أضلني نعم قد ورد فبما أغويتني ولكنه حكاية عن قول إبليس لعنه الله فلا يكون دليلا على ما ادعوه اد (2) أي لا بعينه كما في النقض الذي ذكره العلامة في نقد المحصل وجريان مثله هو انه ان علم الله وجود الحادث اليومي كزيد مثلا وتعلقت به ارادته لكان قديما لعدم جواز التخلف والا امتنع وجوده وهكذا في نفس ارادته الحادثة يرد بالتعلق وعدمه س قده (3) ويمكن ارجاعه إلى ما سيذكره المصنف قده من الجواب فان العلم الإلهي انما تعلق بالأشياء على ما هي عليها فالفعل الاختياري انما تعلق به العلم والإرادة الإلهيان بما هو مستند إلى القدرة والاختيار ومترتب على ذلك ولعله قده لذلك قال بظاهره غير صحيح ط مد ظله
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»
الفهرست