النفس تجريد ادراك معنى بعض من هذه الأمور الوجدانية كالإرادة فيما نحن فيه عن غيرها ليمكن ان يؤخذ عنها ما لها في حد ذاتها ونفس مفهومها من ذاتياتها في الحد إن كان لها حدا ولوازمها المساوية لها ان لم يكن لها حد ولأجل ذلك وقع الخلاف بين المتكلمين في معنى الإرادة والكراهة.
فالأشاعرة فسروا الإرادة بأنها صفه مخصصه لاحد المقدورين وهي مغائرة للعلم والقدرة لان خاصية القدرة صحه الايجاد واللا ايجاد وذلك بالنسبة إلى جميع الأوقات والى طرفي الفعل والترك على السواء ولأن العلم بالوقوع تبع الوقوع (1) فلو كان الوقوع تبعا للعلم لزم الدور وظاهر انها مغائرة للحياة و الكلام والسمع والبصر أقول وقد علمت ما فيه وكذا ما في قولهم العلم بالوقوع تبع للوقوع لأنهم ان أرادوا به العموم والكلية (2) فهو ممنوع فان من المعلوم ما يتبعه الوقوع كما مر.
وذهب أكثر المعتزلة إلى أن كلا منهما من جنس الادراك ففسروا الإرادة باعتقاد النفع (3) والكراهة باعتقاد الضرر لان نسبه القدرة إلى طرفي الفعل والترك بالسوية فإذا حصل في القلب اعتقاد النفع لاحد الطرفين يرجح بسببه ذلك الطرف وصار الفاعل مؤثرا مختارا وأورد عليه انا كثيرا ما نعتقد النفع في كثير من الافعال و لا نفعلها ولا نريدها ولا نعتقد النفع في كثير منها بل نعتقد ضرها ونريدها ولذا ذهب بعض آخر منهم إلى أنها ميل يتبع اعتقاد النفع وهو الشوق المفسر بتوقان النفس إلى تحصيل شئ ويرد عليه كما ذكره بعض الفضلاء ان كثيرا ما يوجد هذا الميل والشوق بدون الإرادة كما في المحرمات وقيل هي شوق متأكد إلى حصول المراد