ان لا يكون للذات علم هو كمال ذاتي ليس بوارد عليهم إذ لا ينحصر علمه تعالى عندهم في هذه الصور المتأخرة عن الذات ألا ترى إلى قول الشيخ في أول الفصل المعقود في بيان نسبه المعقولات إليه تعالى من فصول إلهيات الشفاء يجب ان يعلم أنه إذا قيل للأول تعالى عقل قيل على المعنى البسيط الذي عرفته في كتاب النفس وانه ليس فيه اختلاف صور مترتبة متخالفة كما يكون في النفس على المعنى الذي مضى في كتاب النفس فهو لذلك يعقل الأشياء دفعه واحده من غير أن يتكثر بها في جوهره أو يتصور في حقيقة ذاته بصورها بل تفيض عنه صورها معقولة وهو أولى بان يكون عقلا من تلك الصور الفائضة عن عقليته ولأنه يعقل ذاته وانها مبدء كل شئ فيعقل من ذاته كل شئ انتهى فقوله إذا قيل للأول عقل قيل على المعنى البسيط وقوله وهو أولى بان يكون عقلا من تلك الصور وقوله فيعقل من ذاته كل شئ كلها تصريحات وتنبيهات على العلم الاجمالي الكمالي والعقل البسيط لكن معرفه هذا العقل البسيط في غاية الصعوبة فان ظني بل يقيني انه لم يتيسر فهمه على وجهه لاحد من هؤلاء المشهورين بالفضل والبراعة مع ادعائهم لاثباته كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى فهذه جمله من أقوال القادحين في تقرير صور المعقولات في ذاته مع ما سنح لنا من الدفع والاتمام والنقض والابرام.
الفصل (8) في تحقيق الحق في هذا المقام وفي اظهار ما نجده قادحا في مذهب القائلين بارتسام الصور في ذاته تعالى وليعلم أولا ان لا خلاف لنا معهم في جميع ما ذكروه في اثباتها من الأصول والمقدمات ولا في وجوب ان يكون تلك الصور المعقولة لوازم ذاته ولا في كونها قائمه بذاته غير مبانة عن ذاته انما المخالفة لنا معهم في جعل تلك الصور اعراضا وفي ان وجودها وجود ذهني ولولا تصريحاتهم بأنها اعراض لأمكن لنا حمل مذهبهم على ما هو الحق عندنا وهو انها مثل عقلية وجواهر نورية كما هو رأى الأفلاطون ولا يبعد