الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٦٤
مرتبه الذات البحتة المتقدمة على تلك التفاصيل والمقصود في هذا الفصل بيان شهوده تعالى للأشياء كلها في هذه المرتبة الأحدية التي هي غيب كل غيب وابسط من كل بسيط.
وهذا المطلب يمكن بيانه بوجهين أحدهما من جهة كونه تعالى عقلا بسيطا وهي طريقه قدماء الحكماء وثانيهما وهو منهج الصوفية المحققين من جهة اتصافه بمدلولات الأسماء والصفات في مرتبه ذاته (1) وانها ليست من قبيل اللوازم المتأخرة بل حالها كحال المهية بالقياس إلى وجودها مع أن الواجب ليس ذا مهية وكلا الوجهين دقيق غامض يحتاج دركه عند تعلمه واستفادته من المعلم البشرى و سماعه منه إلى لطف قريحة وصفاء ضمير فكيف في استنباطه واستفاضته من الملكوت.
اما المنهج الأول فلنمهد لبيانه أصولا أحدها ان كل هويه وجودية هي مصداق بعض المعاني الكلية في مرتبه وجودها وهويتها وهي المسماة في غير الواجب بالمهية عند الحكماء وبالعين الثابت عند الصوفية وذلك البعض قد يكون متعددا وقد يكون واحدا ويقال له المهية البسيطة والمعاني المتعددة قد تكون موجودة بوجود واحد ويقال لها البسيط الخارجي كالسواد مثلا وقد تكون موجودة بوجودات متعددة ويقال لها المركب الخارجي كمهية الحيوان المأخوذ جنسه من مادته وهو الجسم النامي وفصله من

(1) هذا مبنى على ما وجه به كلامهم في التوحيد بالوحدة التشكيكية وكون مقام الأحدية وهو أعلى مراتب الوجود الذي حده ان لا حد له هو مقام الذات وسائر المراتب مراتب من الوجود حقيقة واما ما هو ظاهر كلامهم من قصر حقيقة الوجود فيه تعالى وكون وجود غيره مجازيا فللذات اطلاق الوجود وما يفرض هناك من التعينات الكلية وهي الأسماء والصفات والجزئية وهي الحدود والماهيات الإمكانية فهي جميعا دون الذات ومنها التعين العلمي حتى علم الذات بالذات نعم العلم والقدرة وسائر الصفات الذاتية تعينات قبل ظهور الكثرة والغيرية - ط مد ظله.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست