كان مما فيه رائحة التحقيق الذي قررناه وسنرجع إلى توضيحه في مستأنف القول إن شاء الله.
وربما أوردوا مثالا تفصيليا وقسموا حال الانسان في علمه بثلاثة اقسام أحدها أن تكون علومه وصوره العقلية تفصيليه زمانية على سبيل الانتقال من معقول إلى معقول على سبيل التدريج ولا يخلو حينئذ من مشاركه الخيال بل يكون تعقله مع حكاية خيالية (1) بحيث يتحد الادراكان نحوا من الاتحاد كما إذا أبصرنا شيئا وحصل أيضا منه في الحس المشترك صوره اتحد الادراكان ولا يتميز لنا ما يحصل في آله البصر وما يحصل في الحس المشترك الا بوسط ودليل.
وثانيها أن تكون له ملكه تحصل من ممارسة العلوم والادراكات يقدر ويتمكن بسبب حصول تلك الملكة على استحضار الصور العقلية التي كان اكتسبها من قبل متى شاء بلا تجشم كسب جديد وإن كان تلك العلوم والادراكات غائبة عنه غير حاضره في نفسه إذ النفس ما دامت نفسا مدبره لهذا البدن الطبيعي ليس في وسعها ان تعقل الأشياء معا لما أشرنا إليه من مشاركه الخيال فليس يحضر عندها جميع ما كسبتها من المعقولات لكن لها ملكه الاستحضار لأيها شائت متى شائت من غير تعب وكلفه وهذه حاله بسيطه ساذجة لها نسبه إلى كل صوره يمكن حضورها لصاحب هذه الملكة نسبه القوة الاستعدادية إلى ما لم يحصل بعد لا نسبه القوة الايجابية إلى المعلول فليس الانسان في هذه الحالة عالما بالفعل ولا الصور المكسوبة لها من قبل حاضره عنده ولكن بالقوة القريبة منه إذ له قدره الاستحضار فيكون عالما بالقوة.