وكيف يتوهم النقصان والاحتياج مع أن السبب المتوسط أيضا صادره عنه فالله سبحانه غير محتاج في ايجاد شئ من الأشياء إلى أحد غيره وقالوا لا ريب في وجود موجود على أكمل وجه في الخير والجود ولا في أن صدور الموجودات عنه يجب ان يكون على أبلغ النظام فالصادر عنه اما خير محض كالملائكة ومن ضاهاها واما ما يكون الخير فيه غالبا على الشر كغيرهم من الجن والإنس فيكون الخيرات داخله في قدره الله بالأصالة والشرور اللازمة للخيرات داخله فيها بالتبع ومن ثم قيل إن الله يريد الكفر والمعاصي الصادرة عن العباد لكن لا يرضى بها (1) على قياس من لسعت الحية إصبعه وكانت سلامته موقوفة على قطع إصبعه فإنه يختار قطعها بإرادته لكن بتبعية اراده السلامة ولولاها لم يرد القطع أصلا فيقال هو يريد السلامة ويرضى بها ويريد القطع ولا يرضى به إشارة إلى الفرق الدقيق وأنت تعلم أن هذا المذهب أحسن من الأولين واسلم من الآفات وأصح عند ذوي البصائر النافذة في حقائق المعارف فإنه متوسط بين الجبر والتفويض وخير الأمور أوسطها.
وذهبت طائفة أخرى (2) وهم الراسخون في العلم وهم أهل الله خاصه