الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣١٢
الحيوانات ولا كفاعلية المجبورين من ذوي الطبائع الجسمانية انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
الفصل (2) في أن القدرة فينا عين القوة والامكان وفي الواجب تعالى عين الفعلية والوجوب.
اعلم أن النفس فينا وفي سائر الحيوانات مضطرة في أفاعيلها وحركاتها لان أفاعيلها وحركاتها تسخيرية كفعل الطبيعة وحركاتها لأنها لا تتحقق ولا توجد لا بحسب اغراض ودواع خارجية فالنفس منا كالطبيعة مسخرة في الأفاعيل والحركات لكن الفرق بينهما ان النفس شاعره بأغراضها ودواعيها والطبيعة لا تشعر بالدواعي والفعل الاختياري لا يتحقق ولا يصح بالحقيقة الا في واجب الوجود وحده وغيره من المختارين لا يكونون الا مضطرين في صوره المختارين فان نفوس الأفلاك تفعل حركاتها من جهة دواع ومعشوقات قاهره عليها كما ستعلم وحركات الأفلاك و الكواكب تسخيرية الا انها ليست بطبيعية فان الحركات الطبيعية تكون على اللزوم من غير اراده وشعور ورضى وما يلزم شيئا كذلك ليس يلزم نقيضه أيضا في حاله واحده (1) والمحرك الفلكي يحرك من وضع إلى ذلك الوضع بعينه فالنفس فيها قاصده لوضع تتركه بعينه ولهذا بيان واضح سيأتيك في مقامه وكذا نفوس الحيوانات الأرضية انما تفعل ما تفعل وتتحرك فيما تتحرك لا بمجرد القدرة بل لأجل الاغراض والدواعي فكل مختار غير الواجب الأول مضطر في اختياره (2) مجبور في أفعاله

(1) قد أشار بهذا إلى دفع ما عسى ان يقال إن في الحركات الطبيعية أيضا يلزم الشئ و نقيضه شيئا والوضع الذي يطلب يهرب منه فان وصول الحجر عند الهبوط إلى الحدود التي تلي المبدء مطلوب لطبيعته وهو بعينه مهروب منه وحاصل الدفع ان في حركه الوضعية الطلب لكل وضع عين الهرب منه فان الانتقال فيها من نقطه معينه والهرب منها عين الانتقال إليها بعينها والطلب لها بخصوصها س قده.
(2) المراد بكونه مضطرا في اختياره انه جعل مختارا لا باختيار منه بل خلق كذلك والمراد بكونه مجبورا في أفعاله ان لغيره دخلا في تمام فاعليته فليس يختار الفعل عن استقلال من نفسه من غير دخل من مسخر أو داع زائد سواء في ذلك أفعاله الاضطرارية والاختيارية و ليس المراد بالجبر ما يقابل التفويض والامر بين أمرين كما سيأتي ط مد ظله
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست