بوجود أصيل فلو لم يكن أيضا موجودة بوجود علمي غير أصيل لم يتحقق العلم بها (1) إذ العلم يستدعى تعلقا بين العالم والمعلوم سواء كان نفس التعلق والإضافة أو صوره موجبه لها والتعلق بين ذات العالم أو صفته وبين المعدوم الصرف ممتنع لاستيجاب النسبة تحقق الطرفين معا بوجه من الوجوه ولما امتنع تحقق العالم باجزائه في الأزل والا لزم قدم الحوادث فبقي كونها موجودة بالوجود العقلي الصوري عند الباري قبل وجودها الخارجي فذلك اما بان تكون منفصله عن الواجب تعالى فيلزم المثل الإفلاطونية واما بان يكون اجزاء لذاته فيلزم التركيب في ذاته وكلا الشقين محالان أو بان تكون زائدة على ذاته لكنها متصلة بها مرتسمة فيها وهو المطلوب.
وأورد عليه انه منقوض بالقدرة الإلهية الأزلية لأنها أيضا صفه ذات تعلق بالمقدورات ولا شك ان قدره الله تعالى شاملة لجميع الأشياء (2) مبدعها وكائنها إذ الكل صادره عنه اما بوسط أو بغير وسط فلا بد ان يكون للمكونات وجود في الأزل بأعيانها لا بصورها العلمية لان ذواتها العينية مقدوره له لا صورها العقلية فقط لكن وجود الحوادث في الأزل محال فظهر النقض لجريان الدليل وتخلف المدلول.
وأجاب بعض الأزكياء عن هذا النقض بان مثل هذه النسبة لا يقتضى وجود الطرفين تحقيقا بل يكفي فيها الوجود التقديري إذ النسبة نفسها تقديرية الوجود ثم لما استشعر انهدام أصل الاستدلال بما ذكره قال فالوجه ان يقال إن النسبة وان لم تقتض تحقق الطرفين بالفعل لكن تحقق العلم يقتضيه لان العلم يستلزم انكشاف المعلوم عند