بقضاء الله لا يعنى به رضاه بصفة من الصفات ففيه ان القضاء الإلهي ليس من قبيل النعوت (1) والاعراض بل هي أصول الذوات والجواهر ولا نسلم ان معنى قول القائل رضيت بقضاء الله ليس بمعنى رضاه بما سبق في علمه وأيضا قوله الرضا بالكفر من حيث هو قضاء الله طاعة ولا من هذه الحيثية كفر ففيه ان علمه لما كان فعليا (2) فكل جهة وجودية في شئ من هذا العالم فهي بعينها هي حيثية معلوميته له فكما ان ذاته تعالى وعلمه بالأشياء شئ واحد بلا تغاير في الذات ولا في الاعتبار فكذا حيثية كون الأشياء موجودة في أنفسها وحيثية كونها معلومه له مرتبطة به شئ واحد من غير تغاير هذا.
ومما يؤكد ما ذكرناه وينور ما قررناه انك إذا حكمت بكفر أحد أو بسواد وجهه فحصل في نفسك صوره الكفر وصوره السواد فلا تكفر به ولا يسود به وجه قلبك لان صوره الكفر في الذهن ليس بكفر مذموم ولا صوره السواد فيه سواد كسواد الخارج فكذلك الامر في هذا المقام فاتقن ولا تقع في مزال الاقدام.
ومما يدل أيضا على أن مبادئ الأشياء الشرية (3) والأمور المؤفة والمستقبحة