بمعنى الكليات الطبيعية ولا المراد منه العلم بوجه من وجوهها وهو ظاهر ولا العلم بمفهوم كونها علة ولا العلم بإضافة العلية لأنه على هذين الوجهين يكون العلمان أي العلم بالعلة والعلم بالمعلول حاصلين معا لا تقدم لأحدهما على الاخر وعمده الغرض من هذه القاعدة اثبات علم الباري تعالى بما سواه من جهة علمه بذاته فاذن المراد من العلم المذكور انما هو العلم بالخصوصية التي يكون العلة بها علة وليس هي الا نحوا خاصا من الوجود وقد بين فيما سلف من الكلام ان الجاعلية والمجعولية انما هي بين الوجودات لا المهيات وبين أيضا ان العلم بأنحاء الوجودات لا يمكن ان يحصل الا بحضورها وشهودها بأعيانها لا بصورها وأشباهها وذلك غير ممكن الا من جهة الاتحاد أو من جهة العلية (1) والإحاطة الوجودية.
فإذا تقرر هذه المقدمات فنقول لما كان ذاته تعالى من جهة وجوده الذي هو عين ذاته علة لما بعده على الترتيب وان مجعولاته الصادرة عنه انما هي أنحاء الوجودات العينية فالعلم الواجبي بذاته الذي هو نفس ذاته يقتضى العلم الواجبي بتلك الوجودات الذي لا بد ان يكون عين تلك الوجودات (2) فمجعولاته بعينها معلوماته