لذاتها استعمال الآلات بدون تصور هذا الفعل (1) الذي هو استعمال الآلات والتصديق بفائدته كما في سائر الأفعال الاختيارية الصادرة عنا في خارج البدن فان هذا ضرب آخر من الإرادة ليس بالقصد والروية وإن كان غير منفك عن العلم به لكن الإرادة هيهنا عين العلم وفي غيره من الأفعال الاختيارية الصادرة عن النفس مسبوقه بالعلم بها والتصديق بفائدتها واما الفعل الذي هو كاستعمال النفس القوى والحواس ونحوها فإنما ينبعث عن ذاتها لا عن رويتها فذاتها بذاتها موجبه لاستعمال الآلات لا بإرادة زائدة وعلم زائد بل النفس لما كانت في أول الفطرة عالمه بذاتها عاشقه لها ولفعلها عشقا ناشيا من الذات اضطرت إلى استعمال الآلات التي لا قدره لها الا عليه فاحتفظ بهذا فإنه علق نفيس.
ومن الشواهد الدالة على هذا المطلب ان صوره ما قد تحصل في آله ادراكية والنفس لا تشعر بها (2) كما إذا استغرقت في فكر أو في غضب أو شهوة أو فيما تؤديه حاسه أخرى فلا بد من التفات النفس إلى تلك الصورة فالادراك ليس الا التفات النفس ومشاهدتها للمدرك والمشاهدة ليست بصوره كليه بل بصوره جزئيه فلا بد ان يكون للنفس علم اشراقي حضوري ليس بصوره زائدة فقد ثبت وتحقق بهذه الوجوه ان الادراك مطلقا انما يحتاج إلى صوره حاصله واما الاحتياج إلى صوره ذهنية زائدة على ذات المدرك فإنما يكون حيث لا يكون وجود المدرك وجودا ادراكيا نوريا كالأجسام المادية وعوارضها أو لا يكون المدرك بوجوده (3) حاضرا عند