الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٥١
اللازم يوجب فساد الملزوم.
ومنها ان الذي يطلق عليه اسم المعلوم قسمان أحدهما هو الذي وجوده في نفسه هو وجوده لمدركه (1) وصورته العينية هي بعينها صورته العلمية ويقال له المعلوم بالذات.
وثانيهما هو الذي وجوده في نفسه غير وجوده لمدركه وصورته العينية ليست هي بعينها صورته العلمية وهو المعلوم بالعرض فإذا قيل العلم عبارة عن الصورة الحاصلة من الشئ عند المدرك أريد بالمعلوم به الامر الخارج من القوة المدركة كالسماء والأرض والبيت والحجر والشجر والفرس والانسان وسائر الماديات وأحوالها وإذا قيل العلم عبارة عن حضور صوره شئ للمدرك عنى به العلم الذي هو نفس المعلوم لا شئ غيره وفي كل من القسمين المعلوم بالحقيقة والمكشوف بالذات هو الصورة التي وجودها وجود نوري ادراكي خالص عن الغواشي المادية غير مخلوط بالاعدام والظلمات.
فقد علم مما ذكرنا ان الوجود على ضربين وجود ادراكي ووجود غير ادراكي وان العالم عالمان عالم الغيب وعالم الشهادة وهما الآخرة والأولى وتسميه الآخرة بالغيب والدنيا بالشهادة انما هي بالقياس إلى ضعف نظرنا لا بالقياس إلى الامر نفسه لان الغيبة من لوازم هذا الوجود الدنيوي والحضوري والشهود من لوازم الوجود

(1) المراد به المعلوم بالذات الذي في العلوم الصورية كما يرشدك إليه قوله بعد أسطر وجود نوري ادراكي خالص إلى آخره فان مراده في هذا الأصل ان المعلوم الحقيقي هو الصورة المعلومة بالذات لا التي هي معلومه بالعرض لا التقسيم المستوفى للمعلوم ولا تقسيم العلم إلى الحضوري والحصولي فإنه سيجئ فلا يرد انه يصدق على الموجود المادي المعلوم بالعلم الحضوري ان وجوده في نفسه عين وجوده لمدركه إلى آخره مع أنه ليس ذلك المعلوم بالذات وجودا نوريا خالصا من الغواشي المادية ولا غير مخلوط بالاعدام والظلمات كما يصرح به اللهم الا ان يراد بنوريته وخلوصه عن الغواشي المادية سلب حكم المادة كما في معلومية الماديات للواجب تعالى لكنه خلاف ظاهر المقام - س قده.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست