القوة الدراكة وعدم الحضور اما لعدم وجود المدرك أصلا أو لعدم وجود ادراكي له أو لعدم وجوده الادراكي عند قوة دراكة فان كل واحد من الموجودات ليس حاصلا لكل أحد ولا كل واحده من الصور العلمية حاصله لكل من له صلاحية العالمية والا لكان كل عالم عالما بكل شئ وليس كذلك كما لا يخفى بل لا بد في تحقق العالمية والمعلومية بين الشيئين من علاقة ذاتية بينهما بحسب الوجود فيكون كل شيئين (1) تحقق بينهما علاقة اتحادية وارتباط وجودي أحدهما عالما بالآخر الا لمانع من كون أحدهما ناقص الوجود أو مشوبا بالاعدام محتجبا بالغواشي الظلمانية فان تلك العلاقة مستلزمه لحصول أحدهما للاخر وانكشافه عليه وهي قد تقع بين نفس ذات المعلوم بحسب وجوده العيني وذات العالم كما في علم النفس بذاتها وصفاتها وقواها والصور الثابتة في ألواح مشاعرها وقد تكون بين صوره حاصله من المعلوم زائدة على ذاته وذات العالم كما في علم النفس بما خرج عن ذاتها وذات قواها ومشاعرها ويقال له العلم الحصولي والعلم الحادث والمدرك بالحقيقة هيهنا أيضا هو نفس الصورة الحاضرة لا ما خرج عنها وإذا قيل للخارج انه معلوم فذلك بقصد ثان كما أن الموجود قد يطلق على نفس الوجود وقد يطلق على المهية الموجودة و الموجود بالحقيقة هو القسم الأول وهو المتعين المتميز في الواقع دون المهية لأنها في ذاتها امر مبهم غير متعينة الذات فإذا أطلق عليها لفظ الموجود فإنما هو بقصد ثان من جهة ارتباطها بالوجود وقد أشرنا مرارا إلى أن العلم ضرب من الوجود بل عينه فوزان العلم وزان الوجود فكلما وجد لنفسه فهو معلوم لنفسه وكلما وجد لشئ آخر فهو معلوم لذلك الاخر لكن الهيولى وجودها بالقوة فهي غير موجودة لذاتها فهي غير عالمه بذاتها ولا الصورة الجسمية والنوعية موجودة لذاتها فلا تكون معلومه لذاتها ولا الهيولى عالمه بها كما عرفت فاذن العلم بالشئ بالحقيقة هو حضور ذاته عند العالم وهو أتم قسمي العلم بالشئ لا بحصول صوره هي غير ذات الشئ المعلوم إذ لا علاقة بين العالم وبين الذات التي هي غير الصورة العلمية فمن
(١٦٣)