بانا ونحن نعلم بوجداننا (1) انا عند ادراكنا لذاتنا قد نغفل عن جميع المفهومات والعنوانات الكلية فضلا عن مفهوم الجوهر أو الناطق (2) أو غير ذلك وكلما ندركه من هذه الأمور لا نشير إليه بانا فعلم من هذا ان الكل غائب عنا الا هويتنا البسيطة فلا بد أن تكون هذه الهوية البسيطة وجودا لا غير إذ كلما هو غيره فلا محاله تحت إحدى المقولات فيكون مركبا من أمور كليه والوجود ليس كذلك لما قد مر مرارا انه غير داخل تحت معنى كلي وان صدق عليه كثير من تلك المعاني.
ومن هيهنا اندفع ايراد بعضهم على القوم (3) عندما أثبتوا تجرد النفس بانا نغفل عن البدن وسائر الأجسام وعوارضها ولا نغفل عن ذاتنا فذاتنا جوهر مجرد غير شئ من الأجسام وعوارضها حيث يقول على سبيل المعارضة انا كثيرا ما ندرك ذاتنا ولا يخطر ببالنا أصلا معنى الجوهر المجرد فكيف يكون ذاتنا عين الجوهر المجرد؟ ومنها ان النفس كما تدرك ذاتها بنفس صوره ذاتها لا بصوره أخرى كذلك تدرك كثيرا من قواها المدركة والمحركة لا بصوره أخرى ذهنية وبيان ذلك من وجوه الأول ان النفس تتصرف في بدنها الخاص الشخصي وتستعمل قواها الشخصية