لذاتها وصارت معقولة لذاتها فكانت عقلا وعاقلا ومعقولا وكذا لو فرضنا الصورة المحسوسة أمرا مجردا قائما بذاته كان محسوسا لذاته وكان وجوده لذاته نفس محسوسيته لذاته فصار حسا وحاسا ومحسوسا كما صرح به بعض توابع المشائين من أن الطعم لو فرض قائما بذاته لكان طعما لنفسه وبهذا التحقيق اندفع ما أورده شيخ اتباع المشرقيين من أنه لو كان العلم هو عين الحصول لكان كل جماد عالما بذاته وبالأعراض القائمة به إذ ما من جماد الا وقد حصل له ماهية وحصل له بعض الصفات وذلك لما قد مر ذكره من أن الصور الجمادية وما يجرى مجراها لما كانت حاصله للمواد لم يحصل ذواتها لها لان القائم بغيره كانت آنيته له بعينها آنيته لمحله فلو حصل له شئ صوره كان أو عرضا يكون حصوله في الحقيقة لمحل ذلك لا له فان ما ليس له حصول لنفسه سواء كان له حصول في نفسه أو لا كيف يحصل له شئ.
وأيضا قد لاح لك منا ان هذه الأجسام الطبيعية وأحوالها وجودها مشوب بالاعدام والحجب الظلمانية في أنفسها فضلا عما تحتف به من الغواشي الخارجية فالمانع من المعلومية عندنا في الجماد وغيره لذواتها ليس مجرد كونها ذات محل ومادة أو كونها ذات ملابس وغواشي لاحقه لذاتها بل نحو وجودها في نفسها مانع عن تعلق العلم بها عقليا كان أو حسيا وقد أشرنا إلى ما في الوجه الثاني من الخلل والقصور.
وهم وتنبيه واعلم أن بعض الناس زعموا ان الحكماء استدلوا على كون كل مجرد عاقلا بالاستنتاج من موجبتين كليتين (1) في الشكل الثاني حيث إنهم استنتجوا من قولهم كل صوره غير جسمية ذات مجرده عن المادة وكل صوره معقولة بالفعل من الشئ ذات مجرده عن المادة قولهم ان كل صوره غير جسمية معقولة بالفعل