((إن التقدم نحو المفاهيم التطورية في العلم، والذي أعرب عن اكتشاف التطور الحقيقي في الطبيعة والمجتمع، كان يطابق تطور الرأسمالية الصناعية في أواخر القرن الثامن عشر، بيد أن هذا الطابق، لم يكن مجرد تطابق فحسب، بل كان يعبر عن علاقة سببية... لا تعيش البورجوازية، إلا إذا أدخلت تغييرات ثورية مستمرة على أدوات الإنتاج... كانت هذه هي الشروط. التي أدت إلى ظهور مفهوم التطور العام في الطبيعة والمجتمع، ولذلك فإن مهمة الفلسفة، في تعميم قوانين التغير والتطور لا تنتج من مكتشفات العلوم فحسب، بل ومن الكل المعقد لحركة المجتمع الحديث بكليته)) (1). وهكذا فإن أدوات الإنتاج، كانت تتطور وتتجدد، فتقذف إلى عقل الفلاسفة مفاهيم التطور، التي قضت على النظرة الفلسفية الجامدة إلى الكون، وحولتها إلى نظرة ثورية، تطابق التطورات المتواصلة في أدوات الإنتاج، بدأت في أواخر القرن الثامن عشر، كما أشار إلى ذلك (كونفورث) نفسه، أي بعد اختراع الآلة البخارية سنة 1764، التي تعتبر أول ثورة حقيقية في وسائل الإنتاج، ومفهوم التطور - على أساس مادي - سبق هذا التاريخ، على يد إمام من كبار أئمة الفلسفة المادية، الذي تشيد الماركسية بمجدهم وآرائهم وهو ديدرو (2). الذي طلع على دنيا الفلسفة في النصف الأول من القرن الثامن عشر، بمادية صبها في إطار من التطور الذاتي، فقال: بأن المادة تتطور بنفسها، وفسر الحياة على أساس التطور، فالاحياء عنده تتطور، من الانقلابات الثورية في الأدوات المنتجة، التي لم تكن قد تعاقبت بعد على مسرح الإنتاج؟!.
(١٢٣)