في بحوث احياء الموات من كتابه (1).
والباعث على التمييز فقهيا بين هذين النوعين من الأرض العامرة حال الفتح، هو التسليم المسبق بنقطتين، وهما كما يلي:
(أ) أن الكافر لا يملك الأرض بالاحياء، بعد تشريع حكم الأنفال، لأن الأرض تصبح بموجب هذا التشريع ملكا للإمام، وهو لم يأذن للكافر بالإحياء لكي يملك الأرض التي يحييها.
(ب) أن المسلمين إنما يغنمون ويملكون شرعا بالفتح أموال الكفار، لا أموال الإمام التي في سيطرتهم.
ويستخلص من ذلك: أن الأرض التي أحياها الكافر بعد تشريع حكم الأنفال، تظل ملكا للإمام، ولا يملكها الكافر بالاحياء كما تقرره النقطة الأولى، فإذا فتحها المسلمون لم يملكوها، لأنها ليست من أموال الكافر، بل من أموال الإمام، وهم إنما يملكون ما يغنمونه من الكفار، كما مر في النقطة الثانية.
وهذا الرأي الذي يستهدف التمييز بين هذين النوعين، يحتاج إلى شيء من التمحيص، لأننا إذا در [NOOR 1] سنا النصوص التشريعية التي تمنح المسلمين الأموال التي أخذوها بالسيف من الكفار، بما فيها الأرض.. نجد أنفسنا بين فرضيتين: إحداهما: أن تكون الأموال الممنوحة للمسلمين بالفتح في هذه النصوص: كل مال كان ملكا أو حقا في الدرجة السابقة للكافر. والأخرى: أن تكون الأموال الممنوحة في تلك النصوص: كل مال أخذ من الكافر وانتزع من سيطرته بالفتح بقطع النظر عن طبيعة العلاقة الشرعية للكافر بالمال.
فعلى الفرضية الأولى في فهم تلك النصوص، يجب - لكي يتاح تطبقها على مال من الأموال المغتنمة - أن نثبت بصورة مسبقة أن هذا المال كان ملكا أو حقا للكافر لكي يحصل المسلمون على ملكيته بالفتح.
وخلافا للنقطة الأولى، التي نفت حق الكافر فيما يحييه من الأرض بعد تشريع