الخشب الذي يظفر به وكيله ما دام لم يباشر بنفسه العمل والاحتطاب، لأن الملكية التي تنتج عن العمل هي من نصيب العامل وحده. وهذا واضح ومن الفقرات الثمانية الأولى في البناء العلوي.
وثانيا: ان عقد الإجارة كعقد الوكالة، فكما لا يملك الموكل الثروات التي يظفر بها وكيله من الطبيعة كذلك لا يملك المستأجر الثروات الطبيعية التي يحوزها أجيره لمجرد أنه سدد الأجر اللازم له لأن تلك الثروات لا تملك إلا بالعمل المباشر. وهذا واضح من الفقرة السادسة.
وثالثا: أن الإنسان المنتج الذي يمارس ثروات الطبيعة إذا استخدم في عمله أداة أو آلة إنتاج يملكها غيره، لم يكن للأداة نصيب من الثروة التي يحصل عليها من الطبيعة، وإنما يصبح الإنسان المنتج مدينا لصاحب الأداة بمكافأة على الخدمة التي أسداها له خلال عملية الإنتاج، وأما المنتج فهو ملك العامل كله. وهذا واضح في الفقرة 9 و 10 و 12.
وهذه النقاط الثلاث تكفي اكتشاف النظرية العامة لتوزيع ما بعد الإنتاج التي يقوم على أساسها البناء العلوي لتلك الأحكام كلها، كما أنها تكفي أيضا للتدليل على صحة اكتشافنا للنظرية وإعطائها نفس المضمون والملامح التي حددناها.
فالإنسان المنتج يملك الثروة المنتجة من الطبيعة الخام لا بوصفه مساهما في الإنتاج وخادما له بل لأجل أنه هو الغرض الذي يخدمه الإنتاج، ولذلك فهو يستأثر بكل الثروة المنتجة، ولا تشاركه فيها القوة والوسائل الأخرى التي خدمت الإنتاج وساهمت فيه.
وأما تلك الوسائل المادية فلها أجرها على خدماتها من الإنسان العامل الذي يمارس الإنتاج، لأنها تعتبر خادمة له وليست في مستواه (1).