ثروة الطبيعة، بوصفه مساهما في الإنتاج وخادما له، ويصبح الأساس النظري للتوزيع على الانسان العامل والوسائل المادية التي تساهم معه في عملية الإنتاج واحدا.
وأما مركز الانسان في النظرة الإسلامية فهو مركز الغاية لا الوسيلة، فليس هو في مستوى سائل الوسائل المادية لتوزيع الثروة المنتجة بين الانسان وتلك الوسائل جميعا على نسق واحد، بل إن الوسائل المادية تعتبر خادمة للانسان في إنجاز عملية الإنتاج لأن عملية الإنتاج نفسها إنما هي لأجل الانسان وبذلك يختلف نصيب الانسان المنتج عن نصيب الوسائل المادية في الأساس النظري، فالوسائل المادية إذا كانت ملكا لغير العامل وقدمها صاحبها لخدمة الإنتاج، كان من حقه على الانسان المنتج أن يكافئه على خدمته (1)، فالمكافأة هنا دين ذمة المنتج يسدده لقاء خدمة، ولا تعني نظريا مشاركة الوسيلة المادية في الثروة المنتجة.
وهكذا يفرض مركز الوسائل المادية - في النظرية الإسلامية - عليها أن تتقاضى مكافأتها من الانسان المنتج بوصفها خادمة له، لا من الثروة المنتجة بوصفها مساهمة في إنتاجها، كما يفرض مركز الانسان في عملية الإنتاج بوصفه الغاية لها أن يكون وحده صاحب الحق في الثروة الطبيعية التي أعدها الله تعالى لخدمة الانسان.
ومن أهم الظواهر التي يعكسها هذا الفرق الجوهري بين النظريتين - الإسلامية والرأسمالية - موقف المذهبيين من الإنتاج الرأسمالي في مجالات الثروة الطبيعية الخام، فالرأسمالية المذهبية تسمح لرأس المال بممارسة هذا اللون من الإنتاج، فيكون بمقدور رأس المال أن يستأجر عمالا لاحتطاب الخشب من أشجار الغابة أو استخراج البترول من آباره، ويسدد إليهم أجورهم - وهي كل نصيب العامل في النظرية الرأسمالية للتوزيع - ويصبح رأس المال بذلك مالكا لجميع ما يحصل عليه الاجراء من أخشاب أو معادن طبيعية، ومن حقه بيعها بالثمن الذي يحلو له.
وأما النظرية الإسلامية للتوزيع فلا مجال فيها لهذا النوع من الإنتاج (2)، لأن