العامل الذي يمارس مصدرا طبيعيا أو ثروة من ثروات الطبيعة يمنح المال الذي يمارسه قيمة تبادلية بقدر كمية العمل الذي ينفقه عليه.
وكما تربط الماركسية بين العمل والقيمة التبادلية، تربط أيضا بين القيمة التبادلية والملكية، فتمنح الفرد الذي يخلق بعمله قيمة تبادلية في المال حق ملكية ذلك المال، والتمتع بتلك القيمة التي خلقها فيه. فتملك الفرد للثروة يستمد مبرره النظري في الماركسية من وصفه خالقا للقيمة التبادلية في تلك الثروة، نتيجة لما بذله عليها من عمل. وهكذا يصبح للفرد على أساس النظرية هذه حق تملك المصدر الطبيعي ووسائل الإنتاج الطبيعية، إذا استطاع أن ينفق عليها شيئا من الجهد، ويمنحها قيمة تبادلية معينة. وهذه الملكية تبدو في الحقيقة على ضوء النظرية الماركسية ملكية للنتيجة التي يسفر عنها العمل، لا للمصدر الطبيعي مفصلا عن تلك النتيجة، ولكن هذه النتيجة التي يملكها العامل ليست هي فرصة الانتفاع بوصفها حالة ناتجة عن العمل، كما رأينا في النظرية العامة للإسلام في توزيع ما قبل الإنتاج، بل هي القيمة التبادلية التي تنشأ عن العمل في رأي الماركسية. فالعامل يمنح المصدر الطبيعي قيمة معينة، ويتملك هذه القيمة التي أسبغها على المال.
وتعلية على هذا الأساس الماركسي لتبرير الملكية الخاصة تقرر الماركسية: ان هذه الملكية تظل مشروعة ما لم تدخل في عصر الإنتاج الرأسمالي، الذي يدفع فيه المالكون المصادر والوسائل التي يملكونها إلى من لا يملكون شيئا، ليعملوا بأجور ويسلموا الأرباح إلى مالكي تلك المصادر والوسائل، فان هذه الأرباح سوف تعادل قيمتها خلال زمن قصير نسبيا القيمة التبادلية للمصدر والوسائل. وبذلك يكون المالك قد استوفى كل حقه تلك المصادر، ما دام قد حصل على هذه القيمة مجسدة في الأرباح التي تقاضاها، فقد انقطعت بذلك صلته بالمصادر والوسائل التي كان يملكها. وهكذا تفقد الملكية الخاصة مبرراتها، وتصبح غير مشروعة في النظرية الماركسية، بدخول عصر الإنتاج الرأسمالي أو العمل المأجور.