بالبحث، أن نعرف ما إذا كان الإسلام يسمح بخروج معدن الذهب والفضة مثلا عن حقل الثروات العامة، ويمنح الفرد الذي حفر الأرض المعدنية واكتشف المادة، ملكية المعدن الذي اكتشفه.
ونحن قد رأينا في المعادن الظاهرة، والمعادن الباطنة التي تقرب من سطح الأرض، أن الشريعة - في رأي جمهور الفقهاء - لم تسمح بتملكها ملكية خاصة، وإنما أجازت لكل فرد أن يأخذ من مواردها المعدنية وفقا لحاجته، دون إضرار بالآخرين. فمن الضروري أن نعرف موقف الشرعية من المعادن الباطنة المستترة، ونتبين مدى اتفاقه أو اختلافه، مع موقفها من المعادن الأخرى.
فالمسألة إذن هي: هل يمكن للفرد ان يملك مناجم الذهب والحديد، ملكية خاصة، بإكتشافها عن طريق الحفر، أو لا؟
ويجيب كثير من الفقهاء على هذا السؤال بالإيجاب، فهم يرون أن المعدن يملك بالاكتشاف خلال عمليات الحفر (1).
ويستندون في ذلك إلى أن اكتشاف المعدن بالحفر، لون من ألوان الإحياء، والموارد الطبيعية تملك بالإحياء. كما أنه أسلوب للحيازة، والحيازة تعتبر سببا لتملك ثروات الطبيعة على اختلافها.
ونحن حين ندرس هذا الرأي من الناحية التي فرضت فيه على ملكية المعدن حين سمح بها لمن يكتشفه.
فملكية المعدن التي يظفر بها المكتشف - على هذا الرأي - لا تمتد في أعماق الأرض، إلى عروق المادة المعدنية وجذورها.
وإنما تشمل المادة التي كشف عنها الحفر. كما أنها لا تمتد أفقيا خارج حدود الحفرة، التي أنشأها المكتشف، إلا بالقدرة الذي يتوقف عليه ممارسته لاستخراج المادة من الحفرة، وهو ما يسمى فقهيا بحريم المعدن (2).