فالإقطاع إذن ليس عملية تمليك، وإنما هو حق يمنحه الإمام للفرد في مصدر طبيعي خام، فيجعله أولى من غيره باستثمار الجزء الذي حدد له من الأرض أو المعدن، تبعا لقدرته وإمكاناته.
ومن الواضح، أن منح هذا الحق ضروري، ما دام الاقطاع كما عرفنا أسلوبا من أساليب تقسيم الطاقات والقوى العاملة، على المصادر الطبيعية بقصد استثمارها، لأن الإقطاع لا يمكن أن يقوم بدوره هذا، وينجز تقسيم القوى العاملة على المصادر الطبيعة، وفقا لمخطط عام.. ما لم يتمتع كل فرد بحق استثمار ما أقطع من تلك المصادر: يكون بموجبه أولى من غيره باحيائه والعمل فيه. فمرد هذا الحق إلى ضمان ضبط التقسيم، وإنجاح الاقطاع بوصفه أسلوبا لاستثمار المصادر الطبيعية، وتقسيمها بين القوى العاملة على أساس الكفاءة.
وهكذا نجد أن الفرد من حين اقطاع الإمام له أرضا أو شيئا من المعدن، وحتى يمارس العمل، أي في فترة الاستعداد، وتهيئة الشروط اللازمة، التي تتخلل بين الاقطاع والبدء في العمل.. ليس له أي حق سوى العمل في تلك المساحة المحددة من الأرض، أو ذلك الجزء المعين من المنجم، الذي يسمح له بالاحياء والاستثمار، ويمنع الآخرين من مزاحمته في ذلك، لئلا يضطرب الأسلوب الذي اتبعه الإمام في استثمار المصادر الطبيعية، وتقسيم الطاقات عليها وفقا لكفاءتها.
وهذه الفترة التي تتخلل بين الاقطاع والبدء في العمل، يجب أن لا تطول، لأن الاقطاع لم يكن معناه تمليك الفرد أرضا أو معدنا، وإنما هو تقسيم للعمل الكلي على المصادر الطبيعية، على أساس الكفاءة. فليس من حق الفرد المقطع أن يؤجل موعد العمل دون مبرر، لأن مسامحته في البدء بالعمل تعيق عن إنجاح الاقطاع، بوصفه استثمارا للمصادر على أساس تقسيم العلم، كما كانت مزاحمة الغير له في العمل - بعد أن وظف من قبل الدولة، باستثمار ذلك الجزء الخاص الذي تم إقطاعه له. معيقة أيضا عن أداء الاقطاع لدوره الإسلامي.
ولهذا نجد الشيخ الطوسي في المبسوط، يقول عن الفرد المقطع: ((إن أخر