الذهب لشخص، معناه السماح له باحياء ذلك المنجم، واستخراج المادة منه. ولذلك لا يجوز للإمام اقطاع الفرد ما يزيد على طاقته، ويعجز عن استثماره، كما نص على ذلك العلامة الحلي في (التحرير) و (التذكرة) (1) وفقهاء شافعيون وحنابلة (2) لأن الاقطاع الإسلامي هو السماح للفرد باستثمار الثروة المقطعة، والعمل عليها، فإذا لم يكن الفرد قادرا على العمل لم يكن الاقطاع مشروعا. فهذا التحديد من الاقطاع، يعكس بوضوح طبيعة الإقطاع، بوصفه أسلوبا من أساليب تقسيم العمل واستثمار الطبيعة.
ولم يعتبر الإسلام الاقطاع سببا لتملك الفرد المقطع المصدر الطبيعي، الذي أقطعه الإمام إياه لأن هذا مما يحرفه عن وصفه أسلوبا من أساليب الاستثمار، وتقسيم الطاقات العملية. وإنما جعل للفرد المقطع حقا في استثمار المصدر الطبيعي، وهذا الحق يعني أن له العمل في ذلك المصدر، ولا يجوز لغيره انتزاعه منه والعلم فيه بدلا عنه، كما صرح بذلك العلامة الحلي في (القواعد)، قائلا: بأن الاقطاع يفيد الاختصاص (3)، وكذلك الشيخ الطوسي في (المبسوط) إذ كتب يقول: ((إذا أقطع السلطان رجلا من الرعية، قطعة من الموات، صار أحق بها من غيره، باقطاع السلطان، بلا خلاف)) (4).
وقال الحطاب في مواهب الجليل يتحدث عن اقطاع الإمام للمعدن حيث يكون نظر المعدن للإمام فإنه ينظر فيه بالصلح جباية وإقطاعا.. إنما يقطعه انتفاعا لا تمليكا فلا يجوز بيعه من أقطعه.. ولا يورث عمن أقطعه لأن ما لا يملك لا يورث وفي أرث نيل أدرك قول (5).