الفقهاء حين بحثوا أحكام أراضي الفتح العامرة، وقالوا: انها ملك عام للمسلمين، لم يلحقوا معادن تلك الأراضي بها في هذه الملكية، معترفين بأن المعدن ليس أرضا.
كما أن الحيازة لا يوجد دليل في الشريعة، على أنها سبب لتملك المصادر الطبيعية (1).
وعلى ضوء هذا الاتجاه الفقهي، لا يتاح للفرد أن يملك شيئا من المنجم، ما دام في موضعه الطبيعي، وإنما يملك المادة التي يستخرجها خاصة وهذا لا يعني أن علاقته بالمنجم، لا تختلف من الناحية التشريعية عن علاقة أي فرد آخر، بل هو بالرغم من أنه لا يملك المعدن، يعتبر تشريعا أولى من غيره بالاستفادة من المعدن، وممارسة العمل فيه عن طريق الحفرة التي حفرها لاكتشافه، لأنه هو الذي خلق فرصة الاستفادة من المعدن، عن طريق تلك الحفرة التي انفق عليها جهده وعمله، ونفذ منها إلى المواد المعدنية في أعماق الأرض. فمن حقه أن يمنع الآخرين عن استغلال الحفرة، في الحدود التي تزاحمه، ولا يجوز لأي فرد آخر استخدام تلك الحفرة، في سبيل الحصول على مواد معدنية، بشكل يزاحم صاحب الحفرة.
وفي ضوء ما مر بنا من نصوص فقهية ونظريات عن المناجم، يمكننا أن نستخلص: أن المناجم - في الرأي الفقهي السائد - من المشتركات العامة، فهي تخضع لمبدأ الملكية العامة، ولا يسمح للفرد بتملك عروقها وينابيعها المتوغلة في الأرض. وأما تملك الفرد للمادة المعدنية في الأرض، بالقدر الذي تمتد اليه أبعاد الحفرة عموديا وأفقيا فهو موضع خلاف، بين رأي فقهي سائد، واتجاه فقهي آخر. ففي الرأي السائد فقهيا: يمنح الفرد حق تملك المعدن في تلك الحدود، إذا كان مكان المعدن باطنا مستترا. وفي الاتجاه الفقهي المعاكس: يعطى الفرد حق تملك ما يستخرجه من المادة المعدنية فحسب، ويعتبر أولى بالاستفادة من المعدن، واستخدام حفرته في هذا السبيل من أي شخص آخر (2).