والجواب على هذا السؤال جاهز، في ضوء التفصيلات التي قدمناها. فان الأرض التي قدرها في فرضيتنا أن تصبح وطنا للمجتمع الإسلامي، وتنمو على تربتها حضارة السماء، قد افترضناها أرضا طبيعية غير مستثمرة لم يتدخل العنصر الإنساني فيها بعد، ومعنى هذا أن هذه الأرض تواجه الإنسان وتدخل في حياته لأول مرة في الفترة المنظورة من التاريخ.
ومن الطبيعي أن تنقسم هذه الأرض في الغالب إلى قسمين، ففيها الأراضي التي وفرت لها الطبيعة شوط الحياة والإنتاج من ماء ودفأ ومرونة في التربة، وما إلى ذلك، فهي عامرة طبيعيا، وفيها الأراضي التي لم تظفر بهذه المميزات من الطبيعة، بل هي بحاجة إلى جهد إنساني يوفر لها تلك الشروط، وهي الأرض الميتة في العرف الفقهي، فالأرض التي افترضنا أنها سوف تشهد ولادة المجتمع الإسلامي، هي إذن: أما أرض عامرة طبيعيا وإما أرض ميتة ولا يوجد قسم ثالث.
والعامر طبيعيا من تلك الأرض ملك للدولة، أو بتعبير آخر، ملك المنصب الذي يمارسه النبي (ص) وخلفاؤه الشرعيون، كما مر بنا، وفقا للنصوص التشريعية والفقهية، حتى جاء في تذكرة العلامة الحلي، أن إجماع العلماء قائم على ذلك (1).
وكذلك أيضا الأرض الميتة، كما عرفنا سابقا، وهو واضح أيضا في النصوص التشريعية والفقهية. حتى ذكر الشيخ الإمام المجدد الأنصاري في المكاسب، أن النصوص بذلك مستفيضة، بل قيل انها متواترة (2).
فالأرض كلها إذن، يطبق عليها الإسلام - حين ينظر إليها في وضعها الطبيعي - مبدأ ملكية الإمام، وبالتالي ملكية ذات طابع عام (3).
وعلى هذا الضوء نستطيع أن نفهم النصوص التشريعية، المنقولة عن أئمة أهل البيت بأسانيد صحيحة، التي تؤكد أن الأرض كلها ملك الإمام، فإنها حين تقرر