ولا فرق في ذلك، بين الفرد الذي مارس إحياء الأرض وغيره ممن حصل على الأرض بأسباب أخرى، فإنه لا يسمح له باحتكار الأرض بعد خرابها وإهمالها، مهما كان السبب في حصوله عليها.
فإذا كانت الأرض من أراضي الدولة (الإمام)، وأهملها الشخص الذي عمرها حتى أخربها، عادت بعد خرابها حرة طليقة، تطبق عليها نفس الأحكام التي تطبق على سائر الأراضي الميتة التي تملكها الدولة فيفسح المجال لإحيائها من جديد، ويترتب على إحيائها نفس الأحكام التي تترتب على إحيائها الأول.
وللشهيد الثاني رحمه الله نص يوضح هذا المعنى في المسالك إذ كتب يقول: ((إن هذه الأرض - أي الأرض التي أحياها الفرد ثم خربت - أصلها مباح فإذا تركت عادت إلى ما كانت عليه، وصارت مباحة، وإن العلة في تملك هذه الأرض، الاحياء والعمارة، فإذا زالت العلة زال المعلول)) (1).
ويريد بذلك، أن الحق الذي يحصل عليه الفرد في الأرض إنما هو نتيجة للاحياء ومعلول له، فيبقى حقه ما دامت العلة باقية والأرض عامرة، فإذا زالت معالم الحياة عن الأرض سقط حقه، لزوال العلة (2).