ملكية الإمام للأرض، تنظر إلى الأرض بوضعها الطبيعي كما تقدم (1).
ولننظر الآن إلى ما يأذن به الإسلام لأفراد المجتمع الذي افترضناه - من ألوان الاختصاص بالأرض. وفي هذا المجال يجب أن نستبعد الحيازة والاستيلاء المجرد، بوصفه مبررا أصيلا لاختصاص الفرد بالأرض التي يحوزها ويستولي عليها، لأنا لا نملك نصا صحيحا يؤكد ذلك في الشريعة، كما ألمعنا سابقا، وإنما الشيء الوحيد الذي عرفنا أنه يبرر الاختصاص شرعا: هو الإحياء (2)، أي انفاق الفرد جهدا خاصا على أرض ميتة، من أجل بعث الحياة فيها.
فان ممارسة هذا العمل، أو العمليات التمهيدية له تعتبر في الشريعة سببا للاختصاص، ولكنه بالرغم من ذلك لا يكون سببا لتملك الفرد رقبة الأرض ملكية خاصة تخرج بها عن مبدأها الأول، وإنما ينتج حقا للفرد، يصبح بموجبه أولى بالانتفاع بالأرض التي أحياها من غيره، بسبب الجهود التي بذلها في الأرض. ويظل للإمام ملكية الرقبة، وحق فرض الضريبة على المحيي، وفقا للنص الفقهي الذي كتبه الشيخ الفقيه الكبير، محمد بن الحسن الطوسي، حين قال في فصل الجهاد من كتاب المبسوط، ((فأما الموات فإنها لا تغنم، وهي للإمام فان أحياها أحد كان أولى بالتصرف فيها، ويكون لإمام طسقها)) (3) وقد مر بنا النص سابقا.