8 - وفي البخاري عن عبد الله قال ((أعطى النبي خيبرا ليهود أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها)) (1). وهذا الحديث يشع بتطبيق رسول الله صلى الله علية وآله لمبدأ الملكية العامة على خيبر، بوصفها مفتوحة في الجهاد، بالرغم من وجود روايات معارضة. لأن النبي (ص) لو كان قد قسم الأرض بين المحاربين خاصة، على أساس مبدأ الملكية الخاصة، بدلا عن تطبيق مبدأ الملكية العامة.. لما دخل مع اليهود في عقد مزارعة بوصفه حاكما. فإن دخوله بهذا الوصف في العقد، يشير إلى أن الأرض كان أمرها موكولا إلى الدولة، لا إلى الأفراد الغانمين أنفسهم.
وقد ذكر بعض المفكرين الإسلاميين: أن حادثة معاملة خيبر هذه دليل قطعي، على أن من حق الدولة أن تمتلك أموال الأفراد، الأمر الذي يقرر جواز التأميم في الإسلام، لأن القاعدة العامة في الفيء تقسيمه على المقاتلين، فالاحتفاظ به للدولة دون تقسيم على مستحقيه، تخويل للدولة في أن تضع يدها على حقوق رعاياها، متى رأت في ذلك مصلحة تقتضيها سعادة المجموع فصح إذن: إن للدولة حق تأميم الملكيات الخاصة.
ولكن الحقيقة أن احتفاظ الدولة بالأراضي المفتوحة، وعدم تقسيمها بين المقاتلين كما تقسم سائر الغنائم، ليس تطبيقا لمبدأ التأميم، وإنما هو تطبيق لمبدأ الملكية العامة. فإن الأرض المفتوحة لم تشرع فيها الملكية الخاصة، وتقسم الفيء: (الغنيمة) مبدأ وضعه الشارع في الغنائم المنقولة فقط. فالملكية العامة للأرض المفتوحة إذن طابع أصيل لها في التشيع الإسلامي، وليست تأميما وتشريعا ثانويا، بعد تقرير مبدأ الملكية الخاصة.
وعلى أي حال، فإن أكثر النصوص التي قدمناها تقرر: أن رقبة الأرض - أي نفس الأرض - ملك لمجموع الأمة، ويتولى الإمام رعايتها بوصفه ولي الأمر، ويتقاضى من المنتفعين بها خراجا خاصا، يقدمه المزارعون أجرة على انتفاعهم