وقد أصبح اليوم حديث التوافق بين المصالح العامة والدوافع الذاتية، في ظل الحرية الرأسمالية.. أدعى إلى السخرية منه إلى القبول، بعد أن ضج تاريخ الرأسمالية بفجائع وكوارث يقل نظيرها في التاريخ، وتناقضات صارخة بين المصالح الخاصة والمصالح العامة، وفراغ هائل أحدثه الاستغناء عن الكيان الخلقي والروحي للمجتمع، فامتلأ بدلا عن القيم الخلقية والروحية، بألوان من الظلم والاستهتار والطمع والجشع.
ونستطيع بكل سهولة أن نتبين من خلال التاريخ التطبيقي للرأسمالية، جنايات هذه الحرية الرأسمالية، التي رفضت كل التحديات الخلقية والروحية، وآثارها الخطيرة: في مجرى الحياة الاقتصادية أولا، وفي المحتوى الروحي للمجتمع ثانيا، وفي علاقات المجتمع الرأسمالي بغيره من المجتمعات ثالثا حتى عاد الرأسماليون أنفسهم يؤمنون بحاجة الرأسمالية إلى التعديل والتحديد، ويحاولون شيئا من الترقيع والترميم، للتخلص من تلك الآثار أو إخفائها عن الأبصار، وأصبحت الرأسمالية في صيغها المذهبية الكاملة مذهبا تاريخيا، أكثر من كونه مذهبا يعيش في واقع الحياة.
أما في مجرى الحياة الاقتصادية للمجتمع الرأسمالية: فليست الحرية الرأسمالية المطلقة إلا سلاحا جاهزا بيد الأقوياء يشق لهم الطريق، ويعبد أمامهم سبيل المجد والثروة على جماجم الآخرين. لأن الناس ما داموا متفاوتين في حظوظهم من المواهب الفكرية والجسدية والفرض الطبيعية... فمن الضروري أن يختلفوا في أسلوب الاستفادة من الحرية الاقتصادية الكاملة التي يوفرها المذهب الرأسمالي لهم، وفي درجات هذه الاستفادة. ويؤدي هذا الاختلاف المحتوم بين القوي والضعيف، إلى أن تصبح الحرية التعبير القانوني عن حق القوي في كل شيء، بينما لا تعني بالنسبة إلى غيره شيئا. ولما كانت الحرية الرأسمالية لا تقر بالرقابة مهما كان لونها - فسوف يفقد الثانويون في معركة الحياة كل ضمان لوجودهم وكرامتهم، ويظلون في رحمة منافسين أقوياء لا يعرفون لحرياتهم حدودا من القيم الروحية والخلقية، ولا يدخلون في حسابهم إلا مصالحهم الخاصة.
وقد بلغ من هدر الكرامة الإنسانية، نتيجة لهذه الحرية الرأسمالية أن بات