محورا له. وهو لأجل هذا لا يعترف بالحريات الفردية، بل يهدرها في سبيل القضية الأساسية، قضية المجتمع بكامله.
والواقع: أن كلا المذهبين يرتكز على نظرة فريدة، ويعتمد على الدوافع الذاتية والأنانية. فالرأسمالية تحترم في الفرد السعيد الحظ أنانيته، فتضمن له حرية الاستغلال والنشاط في مختلف الميادين، مستهترة بما سوف يصيب الآخرين من حيف وظلم نتيجة لتلك الحرية التي أطلقتها لذلك الفرد ما دام الآخرون يتمتعون بالحرية مبدئيا، كما يتمتع بها الفرد المستغل. وبينما توفر الرأسمالية للمحظوظين إشباع دوافعهم الذاتية، وتنمي نزعتهم الفردية.. تتجه الماركسية إلى غيرهم من الأفراد الذين لم تتهيأ لهم تلك الفرض، فتركز دعوتها المذهبية على أساس إثارة الدوافع الذاتية والأنانية فيهم. والتأكيد على ضرورة إشباعها. وتسعى بمختلف الأساليب إلى تنمية تتمكن من تفجيرها تفجيرا ثوريا. وتشرح لأولئك الذين تتصل بهم: أن الآخرين يسرقون جهودهم وثروتهم، فلا يمكن لهم أن يقروا هذا السرقة بحال، لأنها اعتداء صارخ على كيانهم الخاص.
وهكذا نجد أن الوقود الذي يعتمد عليه المذهب الماركسي، هو نفس الدوافع الذاتية والفردية التي تتبناها الرأسمالية. فكل من المذهبين يتبنى إشباع الدوافع الذاتية وينميها، وإنما يختلفان في نوع الأفراد، الذين تتجاوب دوافعهم الذاتية والأنانية مع هذا المذهب أو ذاك.
وأما المذهب الجديد بصفة المذهب الجماعي، فهو المذهب الذي يعتمد على وقود من نوع آخر، على قوى غير الأنانية والدوافع الذاتية.
إن المذهب الجماعي هو: المذهب الذي يربي في كل فرد شعورا عميقا بالمسؤولية تجاه المجتمع ومصالحه، ويفرض عليه لذلك أن يتنازل عن شيء من ثمار أعماله وجهوده وأمواله الخاصة، في سبيل المجتمع وفي سبيل الآخرين، لا لأنه سرق الآخرين وقد ثاروا عليه لاسترداد حقوقهم الخاصة، بل لأنه يحس بأن ذلك جزء من واجبه،