الرأسمالية، تعتبر بأن تلك القوانين الخيرة تفرض بنفسها المذهب الرأسمالي، وتحتم على المجتمع ضمان الحريات الرأسمالية.
غير أن هذا اللون من التفكير يبدو الآن مضحكا وطفوليا إلى حد كبير، لأن الخروج على قانون طبيعي علمي لا يعني أن هناك جريمة ارتكبت في حق هذا القانون، وإنما يبرهن على خطأ القانون نفسه، وينزع عنه وصفه العلمي الموضوعي. لأن القوانين الطبيعية لا تتخلق في ظل الشروط والظروف الرأسمالية، تعبيرا عن قوانين طبيعية، وتعتبر مخالفتها جريمة في حق تلك الأحول ومهما اختلفت درجة الحرية التي يتمتع بها الأفراد في حقول التملك والاستغلال والاستهلاك.. وإنما قد يحدث أن يختلف مفعول تلك القوانين. تبعا لاختلاف الشروط والظروف التي تعمل في ظلها، كما تختلف قوانين الفيزياء في آثارها ونتائجها، طبقا لاختلاف شروطها وظروفها.
فيجب إذن أن تدرس الحريات الرأسمالية، لا بوصفها ضرورة علمية تحتمها القوانين الطبيعية من وجهة رأي الرأسماليين، حتى تكتسب بذلك الطابع العلمي.. وإنما تدرس على أساس مدى ما تتيح للانسان من سعادة علماء الاقتصاد الرأسمالي، في دراسة الرأسمالية المذهبية.
وفي ضوء ذلك نستطيع أن نفهم الفرق الجوهري - الذي ألمعنا إليه في مستهل هذا الفصل - بين الماركسية والرأسمالية، إذ تختلف العلاقة بين الجانب العلمي والجانب المذهبي من الماركسية اختلافا أساسيا، عن العلاقة بين الاقتصاد العلمي والاقتصاد المذهبي للرأسمالية. فإن الماركسية المذهبية التي تمثل في الاشتراكية والشيوعية، تعتبر نتيجة حتمية لقوانين المادية التاريخية التي تعبر عن القوانين الطبيعية للتاريخ، من وجهة رأي الماركسية. فإذا كانت المادية التاريخية على صواب في تفسير