الاشتراكي الماركسي، يختلف عن أي مالك سابق في نقطة، وهي أنه لا يستطيع ان يعترف بملكيته قانونيا، لأن ذلك يناقض طبيعة موقفه السياسي. فالاشتراكية - بحكم طبيعتها السياسية - تحمل بذرة هذا المالك الجديد وتخلقه عبر تجربتها، وان كانت تفرض عليه في نفس الوقت أن ينكر دوره الحقيقي في الحياة الاقتصادية وتجعله أكثر حياء وخجلا من الرأسمالي، الذي كان يعلن بكل وقاحة عن ملكيته الخاصة.
وليس التأميم في الاشتراكية الماركسية حدثا فريدا في التاريخ، فقد وقعت تجارب سابقة لفكرة التأميم عبر التاريخ، إذ قامت بعض الدول القديمة بتأميم كل وسائل الإنتاج، وحصلت بسبب ذلك على مكاسب تشابه تماما المكاسب، التي حصلت عليها الاشتراكية الماركسية في تجربتها. ففي بعض الممالك الهيلينستية وفي مصر خاصة اتبعت الدولة مبدأ التأميم، وأخضعت الإنتاج والمبادلة لإشرافها، وتولت بنفسها إدارة معظم فروع، الإنتاج، فجلب هذا النظام للدولة فوائد كبيرة، ولكنه حيث كان ينفذ في إطار سلطة فرعونية مطلقة، لم يستطع بعد ذلك أن يخفي جوهره. فإن التأميم في ظل سلطة مطلقة تنشئ الملكية الجماعية لتوسعة الإنتاج، لا يمكن أن يؤدي واقعيا إلا إلى تملك السلطة نفسها، وتحكمها في الممتلكات المؤممة.. ولهذا ظهرت في التجربة القديمة خيانة الموظفين، واستبداد السلطة التي كانت تتجسد في شخص الملك، حتى قفز الملك إلى درجة (إله) وأصبحت القوى الهائلة تنفق كلها لحساب هذا الإله الحاكم، وتحقيق رغباته من بناء المعابد والقصور والقبور.
ولم يكن من الصدفة أن تقترن تجربة التأميم في اقدم العهود الفرعونية... بنفس الظواهر التي اقترنت بها تجربة التأميم الماركسية في العصر الحديث، من التقدم السريع في حركة الإنتاج. وتمتع السلطة بقوة تشتد وتنمو بشكل هائل، وانحرافها وإستبدادها بعد ذلك بالثروة المؤممة. فقد تقدمت حركة الإنتاج في ظل التجربة الحديثة للتأميم، كما تقدمت في ظل التأميم الفرعوني، لأن التسخير غير الحر، في الإنتاج، يثمر دائما التقدم السريع الموقوت في حركة الإنتاج. ونشأ التأميم في كل من التجربتين في ظل سلطة عليا، لا تعترف لنفسها بحدود لأن التأميم حينما يقصد منه