والضرورية للقوانين العلمية، يتنافى مع طبيعة الحرية التي تعكسها الإرادة الإنسانية. فإذا أخضعت الحياة الإنسانية لقوانين علمية صارمة، كان ذلك مناقضا لما يتمتع به الإنسان في حياته من حرية وانطلاق، إذ يصبح لدى خضوعه لتلك القوانين آلة جامدة، تسير وتتكيف ميكانيكيا، طبقا للقوانين الطبيعية التي تتحكم في مجرى حياته الاقتصادية.
وهذا الوهم يرتكز على مفهوم خاطئ عن الحرية الإنسانية، وإدراك معكوس للعلاقة بين الحرية والإرادة، وبين تلك القوانين. فإن وجود قوانين طبيعية لحياة الإنسان الاقتصادية، لا يعني ان الإنسان يفقد حريته وإرادته، وإنما هي قوانين للإرادة البشرية تفسر: كيف يستعمل الانسان حريته في المجال الاقتصادي، فلا يمكن أن تعتبر إلغاء لإرادة الإنسان وحريته.
ولكن هذه القوانين الاقتصادية، تختلف عن القوانين العلمية في مناحي الكون الأخرى في نقطة، وهي: أن هذه القوانين نظرا إلى علاقتها بإرادة الإنسان تتأثر بكل المؤثرات التي تطرأ على الوعي الإنساني، وبكل العوامل التي تتدخل في إرادة الإنسان وميوله. وبدهي أن إرادة الإنسان التي تعالجها تلك القوانين تتحدد وتتكيف وفقا لأفكار الإنسان ومفاهيمه، ولنوعية المذهب السائد في المجتمع. ولون التشريعات التي تقيد سلوك الأفراد. فهذه العوامل هي التي تملى على الإنسان إرادته وموقفه العملي، وحين تتغير تلك العوامل يختلف اتجاه الإنسان وإرادته، وبالتالي تختلف القوانين العلمية العامة التي تفسر مجرى الحياة الاقتصادية، فلا يمكن في كثير من الأحيان، اعطاء قانون عام للانسانية في الحياة الاقتصادية، بمختلف إطاراتها الفكرية والمذهبية والروحية وليس من الصحيح علميا أن نترقب من الإرادة الإنسانية في مجرى الحياة الاقتصادية أن تسير وتنشط - دائما وفي كل مجتمع - كما تسير وتنشط في المجتمع الرأسمالي، الذي درسه الاقتصاديون الرأسماليون، ووضعوا قوانين الاقتصاد السياسي في ضوئه. ما دامت أن تؤخذ هذه الإطارات كمدلولات ثابتة في مجال البحث العلمي. ومن الطبيعي أن