والفرق الوحيد بين طبقة هؤلاء الثوريين الحاكمين، وسائر الطبقات التي حدثتنا الماركسية عنها: أن تلك الطبقات كانت توجد وتنمو - في رأي الماركسيين - تبعا لعلاقات الملكية القائمة بين الناس. وطبيعة هذه العلاقات هي التي كانت تحدد اندراج هذا الشخص ضمن هذه الطبقة أو تلك. وأما هؤلاء المالكون الجدد في المرحلة الاشتراكية، فليست طبيعة الملكية هي التي تحدد اندراجهم في الطبقة الحاكمة. فلا يندرج هذا الشخص أو ذاك في الطبقة الحاكمة لأن له ملكية خاصة بدرجة معينة في المجتمع، كما كانت تفترض الماركسية بالنسبة إلى المجتمعات الطبقية السابقة، بل العكس هو الذي يصدق على المجتمع الاشتراكي الماركسي. فإن هذا أو ذلك يتمتع بامتيازات خاصة، أو المحتوى الحقيقي للملكية لأنه مندرج في الطبقة الحاكمة.
وتفسير هذا الفرق بين الطبقة في المجتمع الاشتراكي، وغيرها من الطبقات.. واضح. فإن هذا الطبقة لم تولد على الصعيد الاقتصادي، الذي ولدت عليه سائر الطبقات في زعم الماركسية، وإنما نشأت ونمت على الصعيد السياسي، ضمن تنظيم ذي طراز معين، قائم على أسس فلسفية وعقائدية وفكرية خاصة، أي ضمن الحزب الثوري الذي يتزعم التجربة. فالحزب بنظامه وحدوده الخاصة هو مصنع هذه الطبقة الحاكمة.
وتنحصر مظاهر هذه الطبقة الحزبية، فما يتمتع به أفراد هذه الطبقة من امتيازات الإدارة غير المحدودة، التي تمتد من إدارة الدولة وإدارة المؤسسات الصناعية ومشاريع الإنتاج.. إلى كل مناحي الحياة كما تنعكس أيضا في التناقضات الشديدة. بين أجور العمال ورواتب موظفي الحزب.
وفي ضوء الظروف الطبقية، التي تؤدي إليها المرحلة الاشتراكية الماركسية، يمكن أن نفسر ألوان التناقض والصراع على الصعيد السياسي، في العالم الاشتراكي، التي تتمثل أحيانا في عمليات تطهير هائلة. فإن الطبقة الممتازة في ظل التجربة الاشتراكية، وإن نشأت في داخل الحزب كما رأينا، إلا أنها من ناحية لا تشمل الحزب كله ومن ناحية أخرى يمكن أن تمتد إلى خارج نطاق الحزب، طبقا للظروف التي تكتنف القيادة ومتطلباتها.